حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يصدر أيّ بيان تنديد بكتاب محمد عمارة. اكتفى المثقفون المصريون بالتفرّج على المعركة التي أصبحت بين جهات رسمية: نشطاء أقباط قريبون من الكنيسة ونيابة أمن الدولة العليا. حقّقت هذه الأخيرة مع الدكتور محمد عمارة في بلاغ مقدّم ضده من نجيب جبرائيل محامي الكنيسة القبطية، يتهمه فيه بالتحريض على قتل الأقباط. عمارة كرر دهشته، قائلاً: إنّه نقل إحدى العبارات من كتاب «فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة» للإمام أبي حامد الغزالي.هكذا، أطلقت النيابة سراحه. كل هذا، ولم يحدث أي تحرك ممن يطلقون على أنفسهم تسمية “جماعة المثقفين”، ولا من المنخرطين في حركات المعارضة مثل “كفاية” أو “أدباء من أجل التغيير”. لم يكن في المواجهة سوى مقالات لم تر في الأمر سوى خطأ من الدولة بطباعة الكتاب وتحايل من المؤلف عن طريق الاعتذار.
الدولة منشغلة بتهدئة الجو الساخن. وعلى رغم أنّها لم تعد تتعامل مع “معرض القاهرة الدولي للكتاب” كمسرح لعرض الأفكار والتنفيس عن المعارضة، إلا انها أعدّت لوائح للمتحدثين في معرض أصبح بلا جمهور أصلاً. هكذا، استُبعد من الندوات التي يقيمها المعرض أسماء مثل المستشار طارق البشري، الدكتور محمد حسن نافعة وجلال أمين وغيرهم من نقّاد السلطة. ولم ترد أنباء عن مصادرة أي كتاب. ربما مرّ عابراً خبر لم يتأكد بعد عن منع دخول كتاب مترجم في بيروت، كتبه وزير الدفاع الأميركي الأسبق ويليام بيري بعنوان “مصر: ضغوط الداخل والخارج” ويتوقع فيه انفجار مصر قريباً.