مثلما سُمح أخيراً بطبع رواية «أولاد حارتنا» بعد رحيل مؤلفها نجيب محفوظ، قرر التلفزيون المصري عرض فيلم الرسالة بعد رحيل مخرجه مصطفى العقاد. وفي الحالتين كان الأزهر هو اللاعب الأساسي في ساحة المنع، وتجسيد الأنبياء والصحابة هو المشكلة. في عام 1976، قدّم المخرج السوري فيلم الرسالة بنسختين، في النسخة الأجنبية كان الأميركي أنطوني كوين يلعب دور حمزة، عمّ الرسول. وهو الدور الذي أداه المصري عبد الله غيث في النسخة العربية التي سيعرضها التلفزيون المصري مساء اليوم، في مناسبة الاحتفال
![](/sites/default/files/old/images/p13_20070120_pic3.jpg)
شارك في الفيلم الفنان المصري المعتزل حالياً محمد العربي، والفنانة السورية منى واصف. وعلى رغم أن الفضائيات العربية قدمت الفيلم مراراً، وكذلك محطات العراق وليبيا الرسمية، ظلّ «الرسالة» ممنوعاً في مصر وسوريا. وبينما كان المنع في مصر «أزهرياً» واضحاً، بقي الغموض يكتنف قرار حجبه عن الشاشة السورية، كما سبقتهما المغرب إلى منع استمرار التصوير على أرضها. وكانت مفارقة عجيبة أن يلقى العقاد مصرعه على يد إرهابيين لم يكونوا يقصدونه بالتحديد، وأن يحدث ذلك في البلد العربي الوحيد الذي قام بتكريم المخرج الكبير، عندما منحه الملك الأردني الراحل حسين وسام الكوكب الأردني.
في عام 2004، أصدر ثابت مدكور رئيس الرقابة المصرية تصريحات مفاجئة، قال فيها إن الأزهر لم يعترض على الفيلم لأسباب دينية، إنما لإشكالات إجرائية فحسب: العقاد ــ حسب مدكور ــ لم يعرض الفيلم بعد إتمامه على الأزهر، واكتفى بعرض السيناريو فقط ونيل موافقة الأزهر عليه. ورأى مدكور أن «هذا الخطأ الإجرائي هو السبب وراء «شائعة» منع الفيلم من قبل الأزهر». وبغضّ النظر عن مدى صحة تصريحات مدكور، فمن الصعب التصور أن سوء تفاهم بسيطاً كهذا من الممكن له أن يستمر لثلاثين عاماً، ما لم تكن هناك قرارات غير مكتوبة بمنعه، وخصوصاً أن الاعتراض الأساسي كان على تجسيد شخصية حمزة، وهي شخصية كان مستحيلاً حذفها من السيناريو، لأنها محور الأحداث وصاحبة البطولة الأولى للفيلم. أضف إلى ذلك أنها البديل الدرامي الوحيد في ظلّ منع تجسيد شخصية الرسول والصحابة المبشرين بالجنة.
هذا المساء على التلفزيون المصري