يتميز «مهرجان تورنتو» عن بقية المهرجانات الأخرى بأنّه لا يقدّم أي جوائز رسمية، وهو ما يجعل المكافأة الوحيدة فيه هي «جائزة الجمهور» التي مُنحت هذا العام للكندي ديفيد كروننبرغ عن فيلمه «وعود الظل» Eastern Promises.وقد جاءت هذه الجائزة تكريساً لاتجاه بارز في هذه الدورة من المهرجان الكندي العريق، تمثّل في شكل من أشكال “السينما الهادفة”، يعكس موقفاً نقدياً من الزحف الليبرالي المتوحش الذي يسحق الإنسان، ويسعى إلى تسخيره آلةً طيعة وعمياء لتحقيق الربح وازدهار المصالح الرأسمالية الكبرى.
كروننبرغ غاص بفيلمه في عوالم المافيا الروسية، حيث العنف «طبع ثان» و«نمط حياة»، قائلًا إنّ صراعات المافيا الروسية تمثل الوجه البشع للجشع الرأسمالي، إذا أُسقطت عنه رتوش الماكياج الغربية. وفي المنحى ذاته، يذهب كين لوتش في «إنّه عالم حر» الذي سبق عرضه في «مهرجان البندقية». السينمائي المشاكس مايكل مور، بعدما قدّم في «كان» و«البندقية» شريطه «سيكو» الذي فضح الانعكاسات الاجتماعية القاسية لليبرالية الأميركية عبر النظام الصحي، عاد في «مهرجان تورنتو» بفيلم جديد من الشاكلة ذاتها بعنوان Captain Mike Across America.
أما شون بين، فقدّم رابع فيلم له بصفته مخرجاً بعنوان «داخل الوحشية». وهو حلم سينمائي ظل يراوده عشر سنوات، منذ اشترى حقوق كتاب شهير لجون كراكاور، مستوحى من القصة الواقعية لطالب أميركي يدعى كريستوفر ماك ـــــ كاندلس، قادته أفكاره المعادية لليبرالية إلى هجر المجتمع الاستهلاكي الأميركي للعودة إلى الحياة الطبيعية المتوحشة، حيث قضى سنين طويلة متشرداً في الجبال إلى أن وُجد ميتاً في العراء عام 1996.
كان شون بين قد اشترى حقوق الاقتباس السينمائي للكتاب فور صدوره، لكن مشروعه تأجّل نزولًا عند رغبة عائلة ماك ـــــ كاندلس، إذ لم ينجح في إقناعها بمشروعه إلا في مطلع السنة الجارية.