كان شتيفان فايدنر طالباً حين أخذه فضوله وشغفه باللغات إلى تعلّم اللغة العربية. فكّر في دراسة مجال غير مألوف، فاختار الاستشراق والعلوم الإسلامية. لكن ميوله الأدبية قادته إلى قراءة الشعر العربي، وخصوصاً المعاصر منه. شارك الشاعر العراقي خالد المعالي في ترجمة السياب وسركون بولص، ثم تابع العمل وحده، فترجم أدونيس ومحمود درويش وفؤاد رفقة وآخرين، ونشر أنطولوجيا للشعر العربي الحديث. المهم في هذا، أنّ دور نشر كبيرة أصدرت هذه الترجمات، وكان ذلك اختراقاً حقيقياً لسوق الكتاب العربي في ألمانيا.لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ عمل فايدنر المميز والمؤثر لعب دوراً أساسياً في صنع سمعة ما للكتاب العربي لدى الناشر الألماني. وهو اليوم أحد الذين يُستَفتون في اختيار المؤلفات العربية التي تستحق الترجمة، وكذلك دعوة الكُتّاب العرب إلى نشاطات تُقام في ألمانيا. شتيفان فايدنر ليس مترجماً عادياً. لقد «اشتغل على نفسه»، ومزج معرفته النظرية بعلاقات وثيقة مع ثقافة العالم العربي وما يطرأ عليها. فهو يعرف بدقة أشكال الكتابة الشعرية وتياراتها وأجيالها، علاوة على سياقات أخرى كالتصوّف والدراسات الفلسفية والأوضاع السياسية.
معرفة شتيفان فايدنر بالعالم العربي تتعدى فكرة تعلّم اللغة والترجمة عنها، إلى حد أنّ افتتانه المفرط بعمله وإتقانه له خلق له نسباً عربياً مكتسباً. إنه لا يُخفي ذلك، بل يحلو له أن ينظر إلى شغفه المستمر بطريقة آسرة: «أنا لست مترجماً فقط، ولست مستشرقاً فقط. أنا لست ألمانياً، بل ربما كنت عربياً، أو كنت عربياً في حياة سابقة. من يعتقد أنه شخص واحد يكذب على نفسه، ويرفض أن يكون متنوعاً».