ليال حدادبدأت المنافسة بين التيّار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية تأخذ أشكالاً مختلفة، بعيداً من الشارع: إنها المنافسة الإلكترونية بين القطبين المسيحيين. إذ ليست صدفة أن «ينفض» الموقعان الغبار عن حلتهما القديمة، في الفترة نفسها. وليست صدفةً أيضاً أن يحتلّ الموقعان المرتبتين الأوليين بين المواقع الإخبارية حسب مؤشّر «أليكسا».
انطلق موقع www.tayyar.org بحلّته الجديدة في 23 نيسان (أبريل) الماضي، أي قبل الموعد الرسمي الذي أعلن عنه مسؤولو الموقع بأسبوعين. ويشرح مسؤول الموقع باتريك باسيل: «لقد قصدنا ذلك، خوفاً من أي عملية اختراق. لذا، حددنا موعداً وهمياً في 7 أيار (مايو)، وأطلقناه قبل ذلك بطريقة مفاجئة». من جهته، يرى طوني أبي نجم مسؤول موقع القوات اللبنانية www.lebanese-forces.com، أنّ «التيار» استعجل بإطلاق موقعه «بعدما بدأنا حملتنا الإعلانية لإطلاق موقعنا».
وتحتدم المنافسة بين الطرفين على أكثر من صعيد، وخصوصاً في ما يتعلّق بأرقام الزوار. وفيما يؤكّد باسيل وترتيب «أليكسا» أن التيار هو الموقع الأول بين المواقع الإلكترونية اللبنانية، لجهة عدد الزوار (بلغ 140 ألف زائر في السابع من أيار)... يتحدّث أبي نجم عن تخطي موقع القوات عتبة المئتي ألف زائر في اليوم نفسه: «وهذا كان سبباً كافياً لنتعرّض لعملية اختراق من حزب الله». علماً بأن «حزب الله» نفى ذلك سابقاً (راجع «الأخبار»، عدد 13 أيار/ مايو 2007).
ولا يزال موقع «القوات» يعاني حتى اليوم أزمة في خدماته التي يُفترض أن تعود إلى طبيعتها الأسبوع المقبل، كما يؤكّد أبي نجم: «نعملُ حالياً على تأسيس شركة محدودة المسؤولية لإدارة الموقع، بسبب الإقبال الكبير والمتزايد يومياً عليه».
لكن ماذا عن تمويل هذين الموقعين؟ تختلف الحال بين موقع «التيار» ومنافسه. ويوضح باسيل أن الإعلانات واشتراكات الرسائل القصيرة «تموّل الموقع وحبّة مسك». وهذا ما يؤكد، بحسب باسيل، نجاح الموقع. أما أبي نجم فيعترف بأن التمويل شخصي حتى الساعة: «في حفلة إطلاق الموقع، أبدى عدد من الأشخاص رغبتهم في تقديم المساعدة المالية، وهذا ما سيحصل بعد إنشاء المؤسسة، فتتحوّل كل المساعدات والتبرّعات إليها».
إضافة إلى التمويل، يختلف عدد العاملين في الموقعين. ففي حين لا يتجاوز عددهم في موقع «القوات» خمسة أشخاص «ليسوا موظفين بل يدفعون من جيوبهم» يقول أبي نجم ضاحكاً: يصل عدد العاملين في موقع «التيار» إلى 12 متطوّعاً، وثلاثة «شبه متطوّعين».
وبالانتقال إلى الخدمات التي يقدمانها، يعدُ باسيل متصفحي «تيار.أورغ» بتطويره، من خلال وضع إعلانات مبوّبة، ومفاجأة على الصعيد السياسي «لكن نتركها حتى وقت لاحق كي لا يسرقها أحد منّا». أما أبي نجم فيتحدّث عن أفكار جديدة منها «بنك الدم» الذي سيسهّل التبرّع بالدم في كل المناطق. إضافة إلى خدمات أخرى، كأن يصبح في مقدور كل شخص أن يضع الصور التي يريدها في الموقع، من صور الخطوبة والعرس، «وهذا يربط اللبنانيين في الداخل مع المغتربين».
إلا أن الموضوع الأبرز يبقى مدى التزام الطرفين بالموضوعية والمهنية، وخصوصاً أن هاتين الكلمتين تحملان اليوم معانيَ مطاطة في مشهدنا الإعلامي المحلي. يقول أبي نجم: «نمثّل طرفاً سياسياً، نقول ذلك على رأس السطح. إنما ذلك لا يكون بتشويه الأخبار كما تفعل وسائل إعلام الطرف الآخر!».
تأخذ الموضوعية شكلاً مماثلاً في موقع «التيار»، إذ يؤكّد باسيل ما قاله أبي نجم عن التزام نقل الخبر من دون أي تشويه. ويوضح: «نحن نعبّر عن موقفنا في المقالات، لكن ليس بشكل فاقع ومؤذ، كما يحصل في موقع «القوات». إذ حتى في آرائنا نبتعد عن الشتيمة، ونلتزم حدود الأخلاق».