محمد خيريمكن تلخيص ديوان «المشي بمحاذاة رجل يشبهني» في القصيدة التي تحمل عنوان «بنت»: تصرخ أمي/ مستنكرة/ أن أحب امرأة بهذا القبح/ مع أنها ــــ والله ــــ مناسبة تماماً/ لوضعنا الاجتماعي كفقراء/ ولها قلب/ وأعضاء تناسلية/ تقدر بها أن تكف واحداً مثلي/ عن متابعة الصور العارية». المفردات التي وردت في السطور السابقة، هي مفاتيح الديوان الذي صدر عن دار «ميريت»، للشاعر هشام الصباحي الذي يعيش في المنصورة، إحدى مدن دلتا مصر. هذا البعد الجغرافي ــــ غير القاهري ــــ لا يطل من قصائد الديوان. لا وجود للريف مثلاً أو السفر، بل قصائد مدينية تماماً تنتمي إلى تجربة النثر المصرية التسعينية. إذ سبق للشاعر أن أصدر النصوص نفسها منتصف تسعينيات القرن الماضي، لذلك تبدو التجربة سجينة أسئلة أسلوبية ولغوية جرى تخطّيها، لكنها مع ذلك، ما زالت تشعّ ـــ من حين إلى آخر ــــ بلمحات من شعر حقيقي.
السماء، الحب، القبح، الجنس، الفقر، خمسة أضلاع تكوّن عالم القصائد. وهي مفردات تتكرر بصراحتها وبأسمائها من دون مجاز في أغلب الأحوال، ومن دون أوهام حول النفس: «لو أراد لها الله/ أن تجلس مطمئنة/ ما خلقها أنثى/ وما رزقها بواحد مثلي...».
وفي مقطع آخر يقول: «لا داعي لإنكار أن الله موجود/ وإلا ما بكيت في الشارع/ مستريحاً». وفي «قسوة»، يسأل الملائكة «لماذا لا تعصون الله مرة واحدة/ وتسمحون/ أن أتمشى قليلاً/ خارج الموت». هي مناجاة سماوية مستمرة لا تعبّر عن نقاء وطهرانية، بقدر ما تعبر عن حيرة تتخبط بين اليأس ومشاعر الذنب، حيرة جسدية في أقصى (أدنى؟) حالات ذلك الجسد: «يخافون الخروج من الاستمناء إليها/ ليس لسبب/ إلا أنهم لا يرغبون في تغيير ملابسهم كثيراً».
في الديوان كثير من الحديث عن النسوة القبيحات، وعن أعضاء تناسلية تصبح مصدراً لعذاب مخجل، مما يدعو الشاعر إلى الاعتراف بضرورة «أن أنسجم بشكل أو بآخر/ مع قرفي المعلن».
90 صفحة من نصوص قصيرة إلى متوسطة، في ديوان مقسّم إلى قسمين، ثانيهما قصيدة من 16 مقطعاً معظمها بلا عناوين، وشعر يفيض بالتعب الداخلي وشهوة الفناء: «كلما دخل في الموت/ أحدث ضجيجاً / وأنا مرهق جداً/ وعندي في الصباح عمل/ ماذا سيحدث /لو قدّر هذا/ ومات في هدوء».