ثلاثة مسلسلات ومعارك قضائيةمحمد عبد الرحمن
نيكولاس كيدج، ممثّل أبيض البشرة وأميركي الجنسيّة مرشّح لتجسيد شخصيّة أنور السادات! وعلى الجانب الآخر، لدينا المؤلف محسن الجلاد الذي يناطح أميرة أبو الفتوح، وكلاهما يزعم أنّه أوشك على الانتهاء من كتابة مسلسل عن قائد حرب أكتوبر... لتصبح المحصّلة النهائية لكلّ تلك الصراعات أنّ أيّ مسلسل من المشاريع الثلاثة لن يبصر النور قريباً، في انتظار أن ينتصر أحد هؤلاء في المعركة الكلامية، أو يخرج مشروع جديد مدعوم من أسرة الرئيس الراحل، ويملك التمويل الكافي لتقديم مسلسل يليق بالسادات.
باختصار، كل المشاريع المعلنة حتى الآن تحمل في طياتها عوامل ضعف: أسرة السادات التي تتكوّن من ثلاثة فروع رئيسة لم توافق على أي عمل حتى الآن، ولن تدعم الجهات المصرية عملاً عن الرئيس الراحل من دون موافقة أسرته. إذ إنّ الكل يذكر تكريم الرئيس حسني مبارك لأسرة فيلم «أيام السادات» لدى عرضه عام 2001، كما يعرف الوسط الفني الاحترام الكبير الذي يكنّه الرئيس مبارك للسادات، وبالتالي لم تحاول الجهات الإنتاجية الحكومية دخول السباق. بل منذ فيلم «ناصر 56» (إنتاج 1996)، لم تشارك هذه الأخيرة في أي عمل عن شخصيّات سياسية مصريّة معاصرة.
وقد انحصر السباق بين «ناصر» و«السادات» عندما جاء مسلسل «ناصر» الذي وقّعه باسل الخطيب ليشجّع محبّي السادات على المطالبة بالمثل. وبالإضافة إلى فيلم «ناصر» (بطولة خالد الصاوي)، أُنتج فيلم سينمائي عن كلا الرئيسين (بطولة أحمد زكي). وهكذا، تفوّق «ناصر» سينمائياً ثم تلفزيونياً في المسلسل الأخير، رغم أنّ السادات ظهر في العديد من الأعمال الدرامية، لكن في مساحات ثانوية حسب قصة كل عمل. مثلاً، شهدت مسلسلات «أوراق مصرية» و«العندليب» و«الثعلب» و«الدالي» ظهور شخصيّة «السادات» الذي أطلّ سينمائياً أيضاً في أفلام «ناصر 56» و«ناصر» و«امرأة هزّت عرش مصر». واللافت في الصراع الحالي على دراما «السادات» أن كلّ اللاعبين يريدون تأكيد أسبقيتهم في تقديم المشروع. المؤلف أنيس الدغيدي ـــــ المعروف بكتبه ذات العناوين الساخنة عن الزعماء العرب وإعدام صدام حسين، وأخيراً سوزان تميم ـــــ لم يُعرف عنه قبلاً اهتمامه بالكتابة للتلفزيون. إلا أنّه فجأة دعا إلى مؤتمر صحافي أعلن فيه أنّ نيكولاس كيدج رحّب بأداء الشخصية في النسخة الإنكليزية من العمل، بعدما اعتذر ويل سميث ـــــ رغم أنّه «أسمر البشرة»ـــــ لعدم رغبته في تقديم المزيد من الشخصيات التاريخية، مع أنّه لم يقدّم سوى شخصية محمد علي كلاي منذ سنوات. وبينما يتحدث الدغيدي بثقة عن المشروع، أغفل ذكر اسم المنتج الفعلي قائلاً إنّه «ثري خليجي»، بينما نسب الإخراج إلى اللبناني يوسف شرف الدين الذي صرّح بأنّه غير مشغول بالفكرة حالياً. هكذا، أصبح المشروع برمّته ضرباً من ضروب العبث. وهذا السيناريو يتكرر أيضاً مع إعلان محسن الجلاد أنّ أسرة السادات وافقت على السيناريو الذي كتبه، وهو نفس ما تقوله أميرة أبو الفتوح، وما ردّده أيضاً مؤلّف مسلسل «الدالي» وليد يوسف، نهاية شهر رمضان الماضي. بل ذكر أنّ نور الشريف متحمّس لأداء شخصيّة السادات. وبالطبع ترتفع تلك الأصوات لفترة ثم تخبو، فالكل يهدف إلى جذب منتجين مستعدّين لخوض المغامرة والتصدي لأسرة السادات على طريقة ممدوح الليثي عندما أنتج مسلسل «السندريلا» سراً قبل أن يخسر الجميع في هذه المغامرة.
وما يزيد الأمر اشتباكاً أنّ أسرة السادات نفسها منقسمة بين فرع جيهان السادات (زوجته الثانية) وابنها جمال، التي أعلنت أنّها تفضل أن يؤدي خالد صالح بطولة المسلسل في حال وجود مشروع، وبناته من زوجته الأولى إقبال، ثم أولاد أشقائه. ويضاف إلى ما سبق، أنّ أيّ عمل فني عن السادات بمساحة زمنية واسعة سيكون مطالباً بالرد على كل الاتهامات التي طالت مواقف الرئيس الراحل، سواء قبل الثورة أو بعدها، ودوره في ليلة تحرّك الضباط، وعلاقته بعبد الناصر... ثم رحلة السلام مع إسرائيل وتوطيد العلاقات مع أميركا واستضافة شاه إيران وقوة الجماعات الإسلامية في عهده حتى يوم الاغتيال. وكلها قضايا لم يحسمها المؤرّخون بعد، فهل يحسمها مغامرو المسلسلات.


محاكمة مبكرة

رغم غموض مشروع مسلسل «السادات» الذي يؤدي بطولته نيكولاس كيدج، إلا أنّ رقية السادات (ابنة الرئيس المصري الراحل من زوجته الأولى إقبال) رفضت الانتظار. إذ تقدّم محاميها سمير صبري بدعوى أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ضد المنتج «الوسيط» يسري عكاشة والكاتب أنيس الدغيدي يطالب فيها بوقف إنتاج مسلسل «السادات»، لعدم حصولهما على موافقة موكّلته. إلا أنّ الدغيدي ردّ مؤكداً أنّه يملك تسجيلات صوتية لرقية تعلن فيها الموافقة على المشروع، ثم كرر ما قاله كل المتنازعين على حياة السادات درامياً بأنّ الرئيس الراحل ملك للجميع. لكنّ المحامي ردّ بأنّ أي قصة عن السادات ستتناول حكماً عائلته، وهنا يحق لصاحب الشأن الاطلاع على السيناريو، بينما التزمت جيهان السادات ـــــ زوجته الثانية ـــــ الصمت حتى الآن.

و... المشير ينتظر


يبدو أنّ الصورة الإيجابية التي ظهر عليها «المشير» عبد الحكيم عامر (أدى دوره أحمد صفوت) شجعت زوجته الثانية الفنانة برلنتي عبد الحميد على طرح فكرة تحويل كتابها «المشير وأنا» إلى عمل تلفزيوني