المحطّة العريقة تبثّ بالعربيّة على مدار اليوم. ورئيس «بي بي سي العربية» حسام السكري يعد بنشر نسب المشاهدة قريباً. يبقى سؤال: أيّة «موضوعيّة» يمكن للعرب أن ينتظروا من «هديّة بريطانيا» إلى العالم، إذا كانت تضيق بنداء لجمع التبرعات إلى أهل غزّة؟
لندن ـــــ هيام مختار
تجاهلت «بي بي سي» نداءات مؤسسات المجتمع المدني وضغوط الرأي العام، رافضةً حتى الساعة بثّ نداء يهدف إلى جمع التبرّعات لأهالي غزّة. بل إنّ مجموعة «سكاي نيوز» البريطانية سارت على خطى bbc أيضاً فرفضت بث الإعلان باسم «الحفاظ على الموضوعية»، مساويةً بذلك بين الجلاد والضحيّة. وبالتزامن مع هذه القضية التي أعادت إلى الواجهة المعايير المهنيّة المرتبطة بالحياد والموضوعيّة والاستقلالية الذي تنتهجها هيئة الإذاعة البريطانية كمؤسسة إعلاميّة عريقة، التقت «الأخبار» رئيس «بي بي سي العربية» (راديو، تلفزيون، إنترنت) حسام السكري، بعيد انطلاق دورتها الجديدة للبثّ على مدار 24 ساعة يومياً.
بدايةً، رفض السكّري التعليق على رفض «بي بي سي» بثّ نداء الاستغاثة، باعتبار أنّ هذا القرار يرتبط بالمؤسسة الأم. وأكّد السكري أنّ توقيت انتقال «بي بي سي» العربية إلى البثّ 24 ساعة يومياً كان مقرراً منذ مدة وتحقّق بعدما توافرت له الميزانية المطلوبة، واستُكملت عملية توفير الطاقات البشرية عبر انطلاق ورشة التوظيف. وأضاف السكري أنّ التوسيع الذي تشهده bbc العربية اليوم يرتبط بعاملين: الأول مادي، والثاني بشري يهدف إلى تأمين الطاقات البشرية وإتمام عمليات التوظيف للمتقدمين إلى الوظائف من جميع أنحاء العالم، علماً بأنّ فربق عمل القسم العربي يفوق حالياً 350 موظفاً بين صحافيّ وتقنيّ، وما زالت عمليات التوظيف مستمرة».
وعن توفّر العامل المادي الأساسي في عملية امتداد ساعات البث على مدار اليوم، قال «فضّلنا البدء بـ 12 ساعة بثّ مراعاةً للميزانية المرصودة وانطلقنا إلى تغطية شاملة على مدار 24 ساعة بعد توافر التمويل المطلوب».
ونفى السكري أيّ تأثير للمشكلات المادية على «بي بي سي» العربية، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال: «هناك فرق بين «بي بي سي» المحلية و«بي بي سي» العالمية. نحن جزء من «بي بي سي» العالمية، وتمويلنا والموازنة الخاصة بنا تتمّ مناقشتهما مع الدولة كل ثلاث سنوات. وليسا مرتبطين بموازنة رخصة التلفزيون التي يدفعها المواطن البريطاني للحصول على خدمة bbc المحلية».
ودافع السكري عن فكرة الإفادة التي تجنيها بريطانيا من إنفاق أموال دافعي الضرائب على محطات تلفزيونية غير ربحيّة، وموجَّهة إلى جمهور في الخارج: «الخدمة المجانيّة التي تقدمها بريطانيا ليست للعالم العربي حصراً، بل للعالم كلّه. أمّا الفائدة التي تجنيها المملكة فهي معنوية، تتمثّل في السمعة الجيدة». وفي هذا السياق، يذكِّر بالعبارة الشهيرة للأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان الذي اعتبر أنّ «بي بي سي هدية بريطانيا للعالم في القرن العشرين»... لافتاً إلى أنّ أنان «لم يصرّح ذلك لأنّ «بي بي سي» تروّج لسياسة بريطانيا، بل لأنّها الملجأ والملاذ لأي شخص يبحث عن الموضوعية والحياد وبأكثر من30 لغة عدا الإنكليزية».
ورفض السكري الحديث عن تفويت المحطة فرصةً ذهبيّة في تغطية حرب غزّة لو كانت تبثّ 24 ساعة، وذلك رداً على سؤال عن سطوع نجم «الجزيرة» القطرية في تغطيتها الحرب على أفغانستان، و«سي أن أن» الأميركية في حرب الخليج «ليس من عادتي أن أبكي على ما فات. وإذا كانت الحال كذلك، لتمنّيت لو كنّا على الهواء في حرب الخليج الثانية لا في حرب غزة». وأوضح: «خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، كنّا نمدّ البث عندما يقتضي الأمر، وفعلنا ذلك عندما واكبنا صدور قرار مجلس الأمن المندد بالهجمات الإسرائيلية وبقصف المدنيين».
ورداً على سؤال عن نسبة مشاهدي المحطة على ضوء مستوى الأداء، رفض السكري الخوض في الأرقام، مشيراً إلى أنّ النشر الرسمي لنسبة المشاهدين سيتمّ في الأشهر الثلاثة المقبلة. وهو ينظر إلى تجربة «بي بي سي» بشيء من الرضى لما قدّمته حتى الآن، متمنّياً من المشاهد العربي أن يعبّر عن رأيه في أدائها. وذكّر بأنّ تجربة القسم العربي تستفيد اليوم من تراث عريق بنته أجيال من الإعلاميين يعود إلى 1938.
النقلة النوعية التي واكبت «بي بي سي» العربية، ترافقت مع تغيّرات شملت موقعها الإلكتروني، وتتعلق بإدخال خصائص تلفزيونية على الموقع، كخاصية البث التلفزيوني المباشر عبر الإنترنت. وهي خدمة كانت متوفرة في البث الإذاعي. كذلك أُدخِلت الخدمات البرامجية وخدمة الفيديو عبر تحميل شرائط الفيديو التي يرسلها المشاهدون. وفي السياق نفسه، تواكب «بي بي سي» العربية، خدمة المشاهدة عبر الهاتف الخلوي التي أصبحت متوافرة حالياً في السعودية وتناقش مزوّدي الخدمة في دول أخرى.


ميزانية 52 مليون دولار

حسام السكري عن موازنة «بي بي سي» العربية وتمويلها، فأوضح أنّ تمويل المحطة بلغ 19 مليون جنيه استرليني (حوالى 25 مليون دولار) لتغطية 12 ساعة بثّ يومياً. ثم جاء رفع ساعات البثّ إلى 24، ليزيد الكلفة طبعاً، «لكنّها لم تبلغ الضعف». باعتبار أن بعض المكوّنات الأساسية للمحطة متوافرة من تجهيزات واستوديوهات وغيرها. زادت الموازنة 26 مليون جنيه استرليني، ليبلغ إجمالي الموازنة للقسم العربي، حوالى 40 مليون جنيه استرليني (52 مليون دولار)، بحسب السكري.