الحقيقة في مواجهة العدوان» عنوان ورشة عمل أقيمت في الأونيسكو، بمشاركة صحافيّين بارزين تجمع بينهم نظرة نقدية إلى تعامل الإعلام الغربي مع القضايا العربيّة
صباح أيوب
أنهى «منتدى بيروت العالمي للمقاومة ومناهضة الإمبريالية والتضامن بين الشعوب والبدائل» أمس ورشات أعماله التي انطلقت الجمعة الفائت في قصر «الأونيسكو»، بجلسة إعلامية تحت عنوان «التجارب الإعلامية: الحقيقة في مواجهة العدوان». الجلسة التي ترأّسها الإعلامي المصري حمدي قنديل، تعدّل مسارها وضيوفها فتضمّنت بشكلها النهائي مداخلات لكل من ميشال كولون من بلجيكا، ريشار لابيفيير من فرنسا، ديمتريس كونستاتكوبولس من اليونان، بيتر كوستر من هولندا، محمد صادر الحسيني من إيران، وغسّان بن جدو ويونس عودة وسركيس أبو زيد من لبنان. وقد أجمع الحاضرون على «حساسيّة الإعلام وأهميته» في أيامنا، منطلقين من العدوان المستمر على غزة وما تقدّمه وسائل الإعلام العربية والغربية من صورة مجتزأة ومنحازة للجلاد. الصحافيون الأجانب المشاركون (وغالبيتهم أوروبيون) «شكوا» من أداء إعلامهم وخصوصاً في تغطية حروب تخوضها إسرائيل أو أميركا، إذ تنحاز تلك الوسائل تلقائيّاً للدفاع عن قضية المعتدي و«أبلسة» المعتدى عليه، ووصفه بالـ«إرهابي». وفيما أجمع هؤلاء (من فرنسا وبلجيكا وهولندا واليونان) على أنّ «الحروب لا تبدأ بالقنابل بل بالإعلام»، أشار بعضهم إلى تعمّد الإعلام الأوروبي تغييب تاريخ المنطقة خلال نقل الواقع، ما يجعل المتلقّي الأجنبي جاهلاً كلياً لخلفيات الصراع ومكتفياً بما تنقله هي من حقائق مزوّرة. كما حذّر المشاركون من «بروباغندا الحرب» التي تمارسها وسائل الإعلام الأجنبية، وأبدوا تشاؤماً من عدم تغيّر هذا الواقع لأنّ «الإعلام سيبقى جزءاً من الحرب».
وعن تغطية الحروب، أفاد مدير مكتب قناة «الجزيرة» في بيروت غسان بن جدو من تجاربه الأخيرة في تغطية عدوان تموز 2006 على لبنان ليعطي أمثلةً عمليّة عن مسؤوليات الصحافي في ظروف مماثلة. ولأنّ الظروف سمحت له ـــــ خلال العدوان على غزة ـــــ بأداء دور «المشاهد والمتابع لوسائل الإعلام» أكثر من حرب تموز، فقد لاحظ كيفيّة استخدام «الخبر العاجل»، وعناوين الأخبار والصور وبعض المصطلحات، كلّها لمصلحة العدو من قبل فضائيات عربية وأجنبية ووكالات أنباء. بن جدو لاحظ أيضاً كيف يتمّ تصوير الترسانة العسكرية للجيش الإسرائيلي والتركيز على قوته الحربية وتقدّم آلياته، إضافة إلى استخدام تعابير مثل «اعتداء» بدل «عدوان» و«الهجوم على غزة» بدل «الحرب على غزة»... كما أسف لواقع الإعلام الحالي حيث «لم يعد مسموحاً حتى بنقل الواقع فقط»، منبّهاً إلى عدم وجود صحافي «محايد» حتى لو ادّعى ذلك. وقد اتّفق بن جدو مع محمد صادر الحسيني على أنّنا نشهد «حرب كلمات» أو «حرباً إعلامية» يجب أن نكون مستعدّين لها.
لكنّ الورشة الإعلامية «العالمية» التي غاب عنها عنصر جوهري هو الصورة، لم تتوصّل إلى مقترحات عمليّة، بل وقفت عند حدود «التمنّيات» التي تذكّر بالخطابات العربية، بـ«تشكيل تجمّعات إعلامية» و«قاموس مقاوم» و«منتدى مقاوم»!