عثمان تزغارتتقدّم قناة Canal plus الفرنسيّة مساء اليوم العرض التلفزيوني العالمي الأول لرائعة كيفن ماكدونالد التوثيقية «أفضل أعدائي» التي أثارت الجدل لما تضمنته من معلومات غير معروفة عن المجرم النازي كلاوز باربي ــــ قائد الـ«غستابو» السابق في ليون الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية ــــ الذي تحوّل إلى عميل لدى الاستخبارات المركزية الأميركية عام 1947. المعروف أنّ باربي اختفى بعد اندحار النازية وعاش بهوية مستعارة في أميركا اللاتينية حتى القبض عليه عام 1983، وتسليمه إلى فرنسا، حيث قُدّم للمحاكمة ورافع عنه المحامي الشهير جاك فيرجيس الذي استطاع بفضل «استراتيجية القطيعة» التي ابتكرها، وباتت تُدرّس اليوم في معاهد الحقوق، أن يحوّل تلك المحاكمة إلى محاكمة رمزية للنظام الاستعماري الفرنسي!
يأتي شريط كيفن ماكدونالد ليسجّل عودته إلى السينما التوثيقية التي صنعت شهرته منذ «ذات يوم في سبتمبر» (2006) الذي قدّم قراءة مغايرة لما كان متداولاً في الغرب عن «عملية ميونيخ» الشهيرة (خطف الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ من تنظيم «أيلول الأسود» الفلسطيني). تقفّى ماكدونالد آثار باربي منذ اختفائه نهاية الحرب العالمية الثانية حتى القبض عليه، فاكتشف أنّ الـ«سي آي إيه» جنّدته عام 1947، ضمن خطة سرية تهدف إلى الإفادة من خبرة ضبّاط البوليس النازي السابقين في مجال مكافحة التنظيمات السرية اليسارية، في سياق اندلاع الحرب الباردة آنذاك. اكتشف المحقّقون الفرنسيون هوية باربي عام 1951، وسعوا إلى استجوابه في برلين تمهيداً لاعتقاله. إلا أنّ الـ«سي. آي. إيه» هرّبته إلى أميركا اللاتينية ومنحته غطاءً قانونياً للإقامة في بوليفيا، بعدما غيّر اسمه إلى كلاوز ألتمان، وأصبح مديراً لشركة Transmaritima Boliviana للنقل البحري. لكن تلك الشركة لم تكن سوى واجهة للنشاطات السرّية التي أسندتها «سي آي إيه» إلى باربي المتمثلة في تدبير الانقلابات العسكرية لإطاحة الأنظمة اليسارية في دول أميركا اللاتينية. ومن الأسرار التي يكشفها أنّ باربي أدى دوراً مركزياً في محاصرة تشي غيفارا واغتياله في أدغال بوليفيا!
ورغم أنّ «صائد النازيين» الفرنسي سيرج كلارسفيلد استطاع كشف هوية باربي مجدداً عام 1972، إلا أنّ «سي آي إيه» عرقلت تسليمه، ولم يُقبض عليه إلا بعد وصول اليسار إلى الحكم في فرنسا (1981) ثم بوليفيا (1982) حيث اعتُقل عام 1983، وقدّم للمحاكمة في فرنسا، وأدين بالإعدام عن جرائمه النازية. أما الجرائم الأخرى التي ارتكبها تحت إشراف «سي آي إيه» بما فيها اغتيال غيفارا، فبقيت بلا قصاص!

Mon meilleur ennemi ــ 23:45 على Canal+