خلال 2008 سقط 41 إعلامياً ولا يزال 125 آخرون في السجون. تقرير «لجنة حماية الصحافيين» غير مطمئن، خصوصاً حين يتطرّق إلى العالم العربي، متّهماً مصر والسعوديّة بمحاولة «إجهاض ثورة الفضائيات»
زينة منصور
«مناخ الخوف» يطغى على المشهد الإعلامي في عام 2008، وحرية الصحافة نفسها معرّضة أكثر من أي وقت مضى للخطر. هذه هي خلاصة التقرير السنوي الذي أصدرته «لجنة حماية الصحافيين» وهي منظمة أهلية أنشئت عام 1981 وتتخذ من نيويورك مقراً لها. تحت عنوان عريض هو «اعتداءات على الصحافة»، سلّط التقرير الضوء على عدد من الدول التي تشهد فيها مهنة الصحافة استهدافاً منظَّماً، من خلال فرض الرقابة المشددة والتضييق على عمل أهل المهنة.‏ وكما كان متوقّعاً للأسف، فإن الإعلام العربي يحظى بقسط وافر من الاهتمام. إذ يشير التقرير إلى أنّ البث الإذاعي والتلفزيوني الفضائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرّض لتهديدٍ وحصارٍ لم يسبق لهما مثيل، بعدما صادق مجلس وزراء الإعلام العرب على اتفاقية «مبادئ تنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني الفضائي في المنطقة العربية»، إثر مبادرة مصرية وسعودية... ويرى التقرير أنّ إقرار هذه الاتفاقية التي تمثّل إجهاضاً لثورة الفضائيات، جاء نتيجة عدم ارتياح الحكومات العربية للتغطيات التي تقوم بها الفضائيات العربية للنزاعات والأزمات، ما دفعها إلى إعادة فرض سيطرتها من خلال اتفاقية إقليمية تهدّد أي قناة فضائية تبث انتقادات لسياساتها.
وفي ما يتعلّق بفلسطين والعراق، يسلّط الضوء على استمرار الاعتداءات الدموية على الصحافيين، فيما يشتدّ الحصار عليهم في تونس وسوريا والمملكة العربية السعودية. ويسجّل التقرير أيضاً ارتفاع عدد القضايا والأحكام بالسجن ضد الإعلاميين الأكثر جرأة في الدول العربية، لافتاًً إلى استخدام القضاء لمعاقبتهم ونشر الخوف والرقابة الذاتية في صفوف زملائهم. وبحسب التقرير، استمرت مصر والمغرب، في اتباع أساليب مختلفة لملاحقة الصحافيين وإسكاتهم.
ومن بين التطورات التي رصدها التقرير، على المستوى العالمي، انخفاض نسبي لعدد الإعلاميين الذين قتلوا خلال العام الماضي ـــ للمرة الأولى منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. لكن ما سبق لا يعني أن الأمور على ما يرام: لقد لقي 41 صحافياً حتفهم خلال العام المنصرم، ما يشير إلى استمرار الخطر في مناطق الحروب كالعراق وفلسطين. ولا شك في أنّ انخفاض نسبة الموت في العراق جاء نتيجة تقلّص عدد المراسلين الأجانب هناك. فقد لقي 11 صحافياً مصرعهم في العراق 2008 الذي عُدّ، للسنة السادسة، المكان الأكثر خطورة للعمل الصحافي. وفي المقابل، فإن عدد الصحافيين في السجون ما زال ضخماً، وسط تراجع ملحوظ للبيئة القانونية الدولية منذ إعلان «الحرب على الإرهاب». وقد وصل عدد المحتجزين إلى الـ 125 خلال العام 2008، أي بانخفاض بسيط مقارنةً بالأعوام السابقة.
لكن ماذا عن لبنان؟ الأخبار التي أوردها التقرير غير إيجابيّة للأسف. فقد لاحظ المراقبون أنّ استخدام القادة السياسيّين لوسائل الإعلام أدى إلى تأجيج الانقسامات الطائفية، وكاد يوصل البلد إلى حافة صراع شامل. كما سجّلوا أن الحرب الكلامية تحوّلت إلى مصادمات قاتلة في شوارع بيروت خلال أيار (مايو) 2008، وكل ذلك أدى إلى اعتداءات شملت مؤسسات إعلامية وصحافيين.
www.cpj.org