نوال العليالبشر والطبيعة وبيروت هنا كما تفهمها التشكيلية جاسينكا توكان فايان! الفنانة الكرواتية تقدّم في قبو كنيسة «القديس يوسف» مجموعةً كبيرةً ومتنوعةً من أعمالها، تراوح بين النحت والرسم أو ما تسميه أوراقاً فنية، بالإضافة إلى النسيج.
ما يجمع أعمالها أنّ فيها شيئاً من التدبير المنزليّ. تُحسّ من الوهلة الأولى أنّك أمام أعمال متقنة كصنعة وهاوية أيضاً. الفن ليس هماً شاغلاً، بل تسلية فايان التي تنقل لك ألوانها الفنية المرحة حتى في حديثها. وإن عبّرتَ عن الحزن في التماثيل فستندهش فايان لأنّها سعيدة وتشعر بأنّ منحوتاتها مثلها أيضاً.
صناعة الورق هي الجزء المفضل لدي فايان، وهي عملية معقدة تُمزج فيها القشرة البيضاء المأخوذة من شجر الـ«كوزو» المنتشر في اليابان، وقد أضيفت إليها مواد مختلطة تُطحن ومن ثمّ يُراكم المزيج على شكل طبقات حتى يجف، ثم تضيف إليه الجذور والأعشاب وقشر جوز الهند والألوان الطبيعية، وكثيراً ما تترك هذه الأوراق للعرض من دون إضافة الألوان.
أما النسيج الصوفي أو الحريري الممزوج بالكتان والقطن، فيشبه الصناعات التقليدية المألوفة في المنطقة. ولكنّ تقديمها على شكل عمل فني يُعلّق ويُحتفى به كلوحة هو الجديد الذي تعتقد الفنانة أنّ الناس في المنطقة لم يقدروه بعد، غالباً ما تستخدم هذه القطع «مفرشاً للطاولات». لكن الفنانة نفسها تقدم هذه القطع أحياناً كستائر للنوافذ وتسمّيها «حجاب»: قطعة أخرى اسمها «بيروت» وأخرى بألوان حارة «الشمس تنام في البقاع» أو «جعيتا». المكان موجود بقوّة والألوان محبّبة لأي نوع من المنازل! والأعمال تصلح لأن تكون أي شيء! القول بأنّ النّحت هو الأعمال الأكثر فنية في هذا المعرض أمر ليس بعيداً عن الدقة. إذ تظهر موهبة فايان في تماثيل من البرونز، وهو ما تخصصت به أساساً في جامعة «زاغرب». في منحوتة «الأمل»، تجريد للأجساد. يكفي ثلاثة شخوص للتعبير عن الأمل، أو فقدانه. فالحميمية التي تخص الاثنين، تترك الأخير منفرداً مطأطئ الرأس. ورغم تماثيلها الحزينة وملامح نسائها الوحيدات في منحوتات «مكان الصمت» و«كرامة» و«حنان»، تصر الفنانة التي تنقلت بين مدن العالم على أنّ الحزن ليس له مكان في أعمالها. ثمة شيء في هذا النوع من المعارض. إنّها ليست روائع فنية ولكنها ليست تجارية أيضاً، فما عساها تكون؟


حتى 18 أبريل (نيسان) الحالي ــــ قبو كنيسة «القديس يوسف». للاستعلام: 03/198890