![](/sites/default/files/old/images/p19_20090328_pic2.jpg)
بقدر ما تبدو كتابات الخطيبي متماسكة وقوية، كان صاحب «الاسم العربي الجريح» يجد صعوبةً في التعبير عن آرائه شفوياً. إنه، وكما يصفه الطيب حذيفة في «الإنسي الموشوم» «يتلعثم، ويبحث عن كلماته فلا يعثر عليها، ويفقد الخيط الرابط بين أفكاره، وإذا به يرتجل مونولوغاً خارجياً، ثم يصمت فجأة بدون سابق إنذار. إن الخطيبي وهو يتحدث شفوياً يجسّد النقيض المطلق لكتبه التي تتميز بالبلاغة والتماسك والسلاسة». هل لهذا فضّل الخطيبي الكتابة بالفرنسية التي كان يعتبرها «لغة صامتة»؟ يقول صاحب «كتاب الدم»: «الفرنسية كلامُ صمتٍ فُرِض علينا. وكان عليّ أن أتأقلم معه. أي أن أتعلم الإصغاء للصمت وتمتماته وانفجاراته وفتنته وإغواءاته. كانت هذه اللغة الصامتة تمدّ يدها لي خارج كل قصور أو احتباس في القراءة. هل قوة الصمت هذه هي التي جعلتني أتعلم الكتابة؟» قبل أن يضيف: «كنت أتساءل من هذا الذي سيُصغي إليَّ عندما أتحدث وبأي أُذن، ما دامت أذني ألفت شريعة الصمت؟ فقد تعلمتُ الخَرس والانطواء، أو على الأقل التأمل الذي ينضج داخل الكلمات الفضَّة والممقوتة». هكذا تكلم الخطيبي، وهكذا برَّر انحيازه للكتابة، للكتابة فقط.. بلغة صامتة.. أليس من حقّه علينا أن نحترم صمته؟