الواو الكافرة» سداسيّته التي يعرضها «الجديد» اعتباراً من 28 الحالي، ترصد 15 سنة مرّت في حياة لبنان: من اتفاق الطائف وسيطرة القوات السورية على مفاصل الحياة السياسية وصولاً إلى الانسحاب
باسم الحكيم
15 عاماً مرّت بين اقتحام الجيش السوري لقصر بعبدا وخروجه من لبنان (1990 ـــــ 2005). 15 سنة أخذت أكثر من حقّها في النقاشات والبرامج الحواريّة، إلا أنّه لا أحد تطرّق إليها في حلقات وثائقيّة متخصّصة. وها هو فراس حاطوم يستعير من الأديب الراحل سعيد تقي الدين عنوان مقاله الشهير «الواو الكافرة» ليكون عنوان حلقاته الوثائقيّة الستّ التي أخرجها جورج صفير ويعرضها «الجديد» اعتباراً من 28 الجاري. هكذا، بعدما انتهى الكلام عن مرحلة الحرب اللبنانيّة وطرحت عشرات الكتب والوثائقيّات عنها، حان موعد الغوص في تفاصيل المرحلة منذ توقيع اتفاق الطائف، حتى اللحظة المفصليّة المتمثّلة بالانسحاب السوري من لبنان، على ألسنة سياسيّين صنعوا المرحلة ومراقبين قرأوها وحلّلوها، وعبر مشاهد أرشيفيّة موثّقة.
يوضح الإعلامي الشاب، «ينطلق البرنامج من دخول القوات السورية إلى قصر بعبدا بما يمثّل من رمز سيادي، ثم الانسحاب وما يحمله من أبعاد، نظراً إلى رمزيّة المشهدين». يدرك حاطوم أنّ التحدي كبير، لكونه يعدّ أوّل وثائقي متكامل عن الفترة الأخيرة من تاريخ لبنان. «خلال الوجود السوري، كان يصعب تناول الأحداث بموضوعيّة». لكن هل ستعبّر الحلقات عن الواقع بشفافيّة بعيداً عن التوجّهات السياسيّة للمحطة؟ يجيب سريعاً: «العمل يهدف فقط إلى استكشاف المرحلة، لأنّ جيل الحرب وما بعدها اطّلع على العناوين من دون التفاصيل».
أبطال المرحلة باتوا جاهزين اليوم لتذكّر اللحظات التي أسهموا في صنعها: سمير جعجع، ميشال عون، سليمان فرنجية، ميشال المر، إميل لحود، عمر كرامي، سليم الحص، رشيد الصلح، مروان حمادة، ألبير منصور، محسن دلّول، ميشال سماحة، فارس بويز، بشارة مرهج، كريم بقرادوني وإيلي الفرزلي، ومعهم الكاتبان السياسيان الزميل إبراهيم الأمين ونهاد المشنوق.
يغوص حاطوم في تفاصيل الحلقات، موضحاً «الحلقة الأولى تمهيديّة تتناول اتفاق الطائف، ودخول قصر بعبدا، وعرض الأحداث بين 88 و90، مروراً بالغزو العراقي للكويت، ودور سوريا في التحالف الدولي ضد العراق، ثم وصول عون إلى قصر بعبدا وتولّيه رئاسة الحكومة الانتقاليّة، وتحالفه مع سمير جعجع وحرب الإلغاء، ليقف عون وحيداً في المواجهة العسكريّة ضد السوريين، وصولاً إلى الحسم في 13 تشرين الأوّل 1990». وتتوقف الحلقة الثانية عند تأليف «حكومات الوقت الضائع» التي رأسها سليم الحص وعمر كرامي ورشيد الصلح خلال توقيع اتفاق الطائف، «نفّذ الثلاثة مهمات انتحاريّة بين استيعاب الميليشيات ومعاهدة الأخوة والتعاون بين بيروت ودمشق، تمهيداً لوصول الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة».
وتضيء الثالثة على وصول الرئيس الحريري إلى السلطة، «بلا تبخير ولا شتائم، بل عرض للوقائع». تطرح الحلقة كيف تحوّلت السلطة من الثالوث الحاضن لاتفاق الطائف، رينيه معوّض وحسين الحسني وسليم الحص، وتكوّن سلطة جديدة قوامها الترويكا إلياس الهراوي ونبيه برّي ورفيق الحريري، «وهي مرحلة انتقال سوريا من الدفاع إلى الهجوم السياسي، لتنتهي الحلقة بدخول جعجع إلى السجن». وتطل الحلقة الرابعة على إعادة الإعمار وتبلور مشروع الحريري، والصراع، و«تغييب الملف السياسي على اعتبار أن الشأن السياسي كان ممسوكاً، لتنتهي الحلقة بوصول لحّود إلى السلطة التي دشّنت وصول فريق عمل جديد لتسلّم الحكم». بينما تركّز الخامسة على ما بعد وصول لحّود إلى الرئاسة، مع مشروعه القائم على مكافحة الفساد، ثم تسلّم الحص مجدداً مقاليد رئاسة الحكومة، ثم تراجع شعبيته واكتساب الحريري للزخم الشعبي حتى وصوله إلى انتخابات 2000 وعودته إلى السلطة. وتنتهي الحلقة بأحداث 7 آب (أغسطس)، وولادة لقاء قرنة شهوان. وتبقى الحلقة السادسة والأخيرة التي توثّق لما بعد التمديد للرئيس لحود ولقاءي البريستول وعين التينة، وصولاً إلى اغتيال الحريري والانسحاب السوري».
يشدّد حاطوم على أنّ «موضوعنا الأساسي هو التدخل السوري في الشأن اللبناني، ثم دعم سوريا للمقاومة. ولن تغيب الأحداث المفصليّة في حياة لبنان، وبينها مجزرة قانا وعناقيد الغضب، شرط ألا يجرفنا الموضوع إلى مكان آخر».
اعتمد حاطوم في إعداده لـ«الواو الكافرة» على أبحاث ودراسات وأرشيف بعض الصحف، وخصوصاً «موسوعة الحرب اللبنانيّة» لمسعود الخوند لـ«كونها تحوي نقاطاً ملخّصة عن المرحلة بحسب السنوات. كما قرأت كتب سليم الحص وميشال عون وكريم بقرادوني عن المرحلة». ويضيف: «كان هدفي الأول الاستكشاف، ولعله عمل استقصائي بمفهوم مختلف، إذ كان همّي نبش المرحلة من دون نيّات مسبقة».


الصحافة الاستقصائيّة عشقه الأول