من لوران كانتيه الذي حصل فيلمه «بين الجدران» على السعفة الذهبية في «مهرجان كان السينمائي الدولي» (2008)، وجان ــــ بول ليلينفيلد الذي سجلت إيزابيل أدجاني من خلال فيلمه الأخير «عيد التنورة» عودة مدوّية إلى واجهة السينما الفرنسية... مروراً بماتيو كاسوفيتش («الحقد»)، وغاسبار نوي («بلا رجعة»)، وعبد اللطيف قشيش («المراوغة»، «أسرار الكسكس»)، وجاك أوديار («أنظر إلى الرجال وهم يسقطون»، «توقّف قلبي عن الخفقان»، «نبي»)، ووصولاً إلى فيليب ليوريه الذي يأتي فيلمه Welcome امتداداً لتجارب سابقة انصبّت كلها في تصوير عوالم المهمّشين والمسحوقين («سقطوا من السماء»، «الزيّ اللائق إلزامي»)...تشهد السينما الفرنسية منذ منتصف التسعينيات بروز جيل جديد من السينمائيين، باتوا يلقبون بـ«الموجة ما بعد الجديدة». التسمية تؤكّد النقلة النوعية والنبرة التثويرية اللتين تميزان تجاربهم، وتذكّر بالنقلة المفصلية التي مثّلها ظهور «الموجة الجديدة» في الستينيات من القرن المنصرم.
لكن «الالتزام» بمفهومه التقليدي القديم، تراجع هنا لتحل محلّه نبرة جديدة تسعى إلى التأسيس لـ«سينما المواطنة». من خلال «بلديّون»، استطاع رشيد بوشارب وأبطال فيلمه الخمسة الذين ينتمون جميعاً إلى الجيل الثاني من أبناء المهاجرين، إقناع الرئيس السابق جاك شيراك بإصدار قانون تأخر لأكثر من نصف قرن للمساواة بين حقوق المتقاعدين في الجيش الفرنسي من ذوي الأصول المغاربية، وبين غيرهم من قدامى المحاربين.
وعلى أثر الجدل الذي أثاره فيلم «عيد التنورة»، تأسّست أخيراً «نوادي التنورة» في 26 مقاطعة فرنسية، من أجل محاربة التمييز الجنسي، والتضييق على النساء والفتيات في الأحياء الشعبية الفرنسية. أمّا فيلم فيليب ليوريه الذي أقبل على مشاهدته مليون فرنسي، فقد أسفر أيضاً عن عريضة وقّعها مليونا شخص، تطالب بإلغاء العقوبات التي تهدّد كل من يمدّ يد العون أو يؤوي أحد المهاجرين السريين. وقد بيّنت أحدث استطلاعات الرأي أنّ حوالى 77 في المئة من الفرنسيين، يطالبون بإلغاء تلك العقوبات التي وضعها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ويعتبرونها مخالفة لقيم الجمهورية الفرنسية ومبادئها.