منذ أن أُعلن، مطلع السنة الحالية، قبول إيزابيل هوبير تولّي رئاسة لجنة التحكيم الدوليّة للدورة الـ62 من «مهرجان كان»، كان واضحاً أنّ النجمة الفرنسيّة التي خرجت من معطف «الموجة الجديدة» الفرنسية لن تمرّ على الكروازيت مرور الكرام، بل إنّها ستترك بصمة خاصة تماثل تلك التي خلّفها رئيس لجنة تحكيم العام الماضي، النجم الأميركي المشاكس شون بن. وقد كان اختيار إيزابيل هوبير لرئاسة لجنة التحكيم، في هذه الدورة بالذات، متجانساً مع برنامج بدا حافلاً بتجارب بين الأكثر تميّزاً وتجديداً. وقد ظهرت بصماتها جليّة على نتائج «كان»: جائزة خاصة استثنائيّة للمعلّم الفرنسي ألان رينيه... والسعفة الذهبيّة لمخرجها المفضّل النمساوي مايكل هانيكي الذي أعطاها أحد أجمل أدوارها في «معلّمة البيانو» (2001) المقتبس عن صاحبة نوبل يلفريد يلينيك.اقترن اسم هوبير، منذ بداياتها، بـ«سينما المؤلف»، سواء في بلدها فرنسا ـــــ حيث ارتبطت باكراً بأبرز أقطاب «الموجة الجديدة» ـــــ أو في الخارج. هكذا مثّلت تحت إدارة بيرتران تافيرنييه، وجان لوك غودار، وبونوا جاكو، وكلود شابرول... ونالت جائزة أفضل ممثّلة في «كان» عن دورها في فيلم شابرول Violette Nozière (1978)، قبل أن تنال الجائزة ذاتها مرة ثانية، في عام 2001، عن أدائها المبهر في «معلّمة البيانو» للسينمائي النمساوي الكبير مايكل هانيكي.
وعلى رغم نجوميتها وشعبيتها، ظلت إيزابيل هوبير متشددة في خياراتها الفنية، فابتعدت عن السينما التجارية، وارتبط اسمها دوماً بأبرز رموز «سينما المؤلّف»، من موريس بيالا وأندريه تيشيني إلى أوليفيه أساياس وفرنسوا أوزون بالنسبة إلى فرنسا. ومن مايكل تشيمينو وماركو فيريري إلى مايكل هانيكي والأخوين تافياني، على الصعيد العالمي.
ومع أنّها تشتهر بوفائها لعدد من السينمائيين الكبار أمثال النمساوي مايكل هانيكي والفرنسي كلود شابرول اللذين تمثّل في أغلب أفلامهم، إلا أنّها تحرص دوماً على المشاركة في أعمال سينمائيين جدد. هكذا، أدت في السنوات الأخيرة بطولة العديد من الأفلام الأولى للجيل الناشئ من السينمائيين الأوروبيين الذين قفزوا إلى الواجهة في مطلع العشرية الحالية، أمثال كريستيان فانسان ولورانس فيريرا بربوزا وجواكيم لافوس. وفعلاً، جاءت نتائج «كان» لتؤكد شخصيّة هذه الفنانة «الطليعيّة» ورهاناتها الجريئة.
في عام 2005، أقيم معرض فوتوغرافي في نيويورك (ثم في باريس)، ضمّ أعمالاً لـ25 من أشهر مصوّري العصر، بينهم هيلموت نيوتن وهنري كارتييه ـــــ بروسون. المعرض الذي لقي رواجاً واسعاً، كان بعنوان «بورتريهات امرأة»، وقد تمحور حول التجربة السينمائية لإيزابيل هوبير.