![](/sites/default/files/old/images/p18_20090520_pic3.jpg)
القرّاء الذي عاينوا بعض هذه الصفات في «غرفة في تل أبيب»، المجموعة السابقة للمؤلف، لن يُفاجئهم تماديه في جعل لذة القصة مقيمة في حساسية سردها لا في السرد نفسه. القصة ابنة مزاج ذاتي، والكاتب حكواتي يستفزّ القارئ بدلاً من تسليته. بهذا المعنى، يمكن القول إن راجي بطحيش يكتب قصة «شريرة». ولكن من أين ينبع كل هذا؟ الجواب موجود في جِدَّة وطزاجة ما يحدث في القصص ذاتها. بطحيش يعيش في الناصرة. عوالم ومناخات فلسطينيي الـ 48 لا تزال شبه مجهولة بالنسبة إلينا. الفلسطينيون هناك محكومون بالارتطام بالإسرائيلي وبالهوية الذاتية القلقة. قصص بطحيش تذكِّرنا أحياناً بأفلام ابن مدينته إيليا سليمان. في الحالتين، لا نجد أبطالاً، بل شخصيات تعاني من الضجر والفراغ وسوء الفهم المزمن مع الحياة. في قصة «نكبة لايت» (لاحظ العنوان)، سخرية غرائبية من الذكرى «المقدّسة» للنكبة. في قصة «خمسون شاقلا»، ينزل ثلاثة شبان إلى تل أبيب لاصطياد مثليّين إسرائيليّين بمقابل مالي، فتنتهي الرحلة بأحدهم في سرير عمّه. وفي «حب في لاس فيغاس»، نموذج المغترب الذي ينكشف «تحضُّره» المزيف حين لا يرى دم العذرية. وفي «تلك الأبواب الكهربائية»، نقرأ قصة الصيدلانية ابنة السادسة والثلاثين نموذجاً لحياة روتينية ذاهبة إلى الوحدة والعنوسة...
ثمة صعوبة في تلخيص قصص راجي بطحيش. إنّها ليست حكايات فقط، والاكتفاء بتبسيط نماذج منها يُفقرها كثيراً.