اشتدّت الضغوط على «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» لإخضاعها نهائياً، وخصوصاً بعد تقريرها الأخير الذي «رثا» وضع الحريات الإعلامية في بلد الطاهر الحداد
تونس ـــ سفيان الشورابي
في خطوة تصعيدية من شأنها أن تعمّق أزمة قطاع الإعلام في تونس، أقدمت مجموعة صحافيين تونسيين هم أعضاء في المكتب التنفيذي الموسّع على «إقالة» أعضاء المكتب التنفيذي لـ«النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين»، ودعوا إلى مؤتمر «استثنائي» في خطوة تُعد خرقاً تاماً للقانون الداخلي للنقابة. وأسّس أعضاء المكتب التنفيذي الموسّع الذي يُعد سلطة أقلّ من سلطة المكتب التنفيذي دعواه على عريضة وجّهها 500 صحافي طالبوا أعضاء المكتب التنفيذي بالاستقالة. ويرى المراقبون أنّ الصحافيين الموقّعين على العريضة فعلوا ذلك بعد ضغوط مارسها عليهم مدراء المؤسسات الإعلامية التي يعملون
فيها.
وكان المكتب التنفيذي قد اجتمع أخيراً، ودعا إلى عقد جلسة عامة في 26 حزيران (يونيو) المقبل للنظر في التطوّرات التي تشهدها النقابة على خلفية إصدارها تقريرها السنوي الذي اتّسم بلهجته الحادّة تجاه الحريات الإعلامية في تونس، وبالطبع لم يحظَ بإعجاب السلطة. كما قرر المكتب التنفيذي عرض التواقيع الواردة في العريضة تحت اسم «عريضة إقالة» على خبير عدلي في الخطوط، بعدما تبين عدم تطابق التوقيعات مع التوقيعات في استمارات الانتساب إلى النقابة، إضافة إلى تشابه عدد من التوقيعات، بما يشير إلى أن مصدرها واحد، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وفي هذا الإطار، قال عضو المكتب التنفيذي للنقابة زياد الهاني «مجرد توقيع عريضة لا يعني عدم وجود مطاعن فيها ولا إقالة المكتب التنفيذي. ذلك أنّ الإقالة لا تتم إلا إذا صوّت المؤتمرون ضد التقرير الأدبي الذي يقدّمه المكتب التنفيذي».
كذلك، وقّع عدد من الصحافيين التونسيين العاملين في مؤسسات إعلامية في الخارج عريضةً أكّدوا فيها دعمهم المطلق لزملائهم في المكتب التنفيذي ودعوهم إلى مواصلة عملهم، بصفتهم الممثلين الشرعيين للنقابة. وأعربوا عن استنكارهم لما تردد عن تعرض زملائهم لضغوط إدارية وسياسيّة لسحب الثقة من القيادة الشرعية للنقابة. واعتبروا أنّ الجنوح إلى هذه الممارسات يؤجّل عمليّة تحرير الصحافة التونسية، وحرمان زملائهم المقتدرين من «الإسهام في دفع بلادنا نحو الأفضل». وقال أحد الموقعين على العريضة بسام بونني لـ«الأخبار» إنّ حملة المساندة الخارجية تندرج ضمن «التضامن مع زملائنا بطبيعة الحال كي نؤكد أنّ خروجنا من تونس لا يعني أن ننساها وننسى همومها. بل نحن نعيش يومياتها لحظة بلحظة رغم مشاغلنا، وهذا واجب مقدس».
من جهته، دعا المكتب التنفيذي الموسّع إلى اجتماع طارئ بهدف عزل المكتب التنفيذي والدعوة إلى مؤتمر استثنائي. غير أنّ التفاف جمهور كبير من الصحافيين الذين حضروا بكثافة في ذلك اليوم حال دون إتمام الاجتماع، واعتبر رئيس النقابة ناجي البغوري تلك الدعوة «غير قانونية» ولا يتوافر فيها شرط النصاب القانوني، وخصوصاً أنّ أغلبية الثلثين المطلوبة لم تعد متوافرة للمتقدّمين. ذلك أنّ ثلاثة منهم فقدوا عضويتهم في المكتب التنفيذي الموسّع إثر حلّ اللجان التي كانوا يترأسونها، فيما جُمّدت عضوية زميل رابع. هذه الحادثة تؤكّد اشتداد الضغوط المسلّطة من كل صوب على قيادة «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» بهدف إخضاعها بصورة نهائية. لكن الأمر لن يحصل بسهولة على ما يبدو في مواجهة عزيمة الصحافيّين المستقلين.