حسين بن حمزةيستضيف «زيكو هاوس» معرضاً مشتركاً لإيمّا حركة (الصورة) وماهر قريطم. المعرض يجمع بين رسامين شابين، مستمدّاً معناه وديناميّته من الموضوعات المشتركة التي تحضر فيها المرأة بكثافة. قريطم يرسم جسداً عارياً، فيما حركة مشغولة بإنجاز بورتريهات ذاتيّة. ما هو مشترك ينكشف إذاً عن تباعد واضح بين الاثنين. إذْ تبدو الرسامة حاضرة في أعمالها مقابل غياب زميلها عن أعماله. يستسيغ زائر المعرض هذه الفكرة الطارئة وهو يتأمل أعمال قريطم (15 لوحة/ إكريليك وإتشينغ) في الطابق الثاني، قبل أن ينتقل إلى أعمال حركة (22 لوحة/ إكريليك وإتشينغ ومواد مختلطة) المعروضة في الطابق الثالث. يرسم قريطم المرأة بخطوط واضحة وحادة. نراها كاملة العري ومنسكبة على لوحة واحدة، أو مقسومة وموزعة على لوحتين. هناك تركيز على تضخيم المؤخّرات والأفخاذ بما يذكِّرنا بمدونات أساسية غربية (ماتيس وبيكاسو) وأخرى محلية (حسين ماضي). الجسد هنا لا يرسل جمالاً أو إغراءً بديهياً. العري بسيط وخالٍ من مقاصد جنسية تقليدية. وهذا ما يفسر استخدام الأزرق بدلاً من الألوان الترابية الأقرب إلى فيزيولوجيا الجسد، فضلاً عن أنّ الجسد مقصوص غالباً لا نرى سوى المسافة الممتدة من الرقبة حتى الركبتين. الوجه ملغى. والعري يبدو أحياناً مثل لحمٍ بلا ملامح. لعل هذا يعكس وجهة نظر تلعب على ثقافات وأداءات الجسد الحديث المعرَّض لتعديلات والتواءات في الهوية أو في الإيحاءات التي تبثّها في المجتمع. في السياق التشكيلي، قد لا نجد في هذا العري شيئاً جديداً، وخصوصاً أن الجسد يحضر وحده تقريباً في كل اللوحات. لا توجد ثرثرة لونية أو خطوطية أو زخرفية إضافية في خلفية اللوحة أو داخل مساحات الجسد نفسه.
في أعمال إيما حركة، نجد تمكناً وخصوصية أكثر. المرأة هنا ليست عارية، لكنها ذات نبرة تشكيلية واضحة. الرسامة بطلة لوحاتها، حاضرة بشكل فوتوغرافي طبق الأصل تقريباً. هذا النوع من الحضور الشخصي يكشف رغبة ضاغطة في خلط الحياة أو السيرة الذاتية مع المهنة. اللوحات مزدحمة بالمرأة نفسها التي تكون غالباً مغمضة العينين وتتأمل داخلها في معزل عن حشرية المشاهد في الولوج إلى الداخل عبر العينين. الإغماض يخفي يوميات أليمة. هذا ما نقرأه بالإنكليزية في خلفية اللوحات الأصغر حجماً. ثمة رسائل مكتوبة إلى الآخر المفتقد. كأن الكتابة بديل للعيون المغمضة.


حتى 10 تموز (يوليو) الحالي ـــــ «زيكو هاوس» (سبيرز ــــ بيروت) ــــ 01/745092