محمد عبد الرحمنكأنّ أنفلونزا الخنازير ومشاكل الإنتاج والتمويل لا تكفي، حتى تأتي قرصنة الأفلام لتزيد الطين بلةً. للمرة الأولى في تاريخ السينما المصرية، بلغت قرصنة الأفلام حدّ عرضها على شبكة الإنترنت وانتشارها على أسطوانات مدمجة بجودة مرتفعة وسرعة قياسية. وإن دلّت هذه الظاهرة على شيء بالنسبة إلى صنّاع الأفلام، وخصوصاً «دكان شحاتة»، فهي أنّهم تعرضوا للخيانة وأنّ هناك طرفاً داخلياً سرّب العمل إلى الجهة التي نسخته وحمّلته على الإنترنت. وهو ما يفسّر أيضاً ارتفاع سعر الـ«دي في دي» إلى 50 جنيهاً (10 دولارات تقريباً) بعدما كان الحد الأقصى للنسخة الأصلية أو المضروبة 20 جنيهاً. والسبب أنّ النسخة الأصلية كانت تصل إلى الأسواق بعد عام كامل من عرض الفيلم، وبالتالي، فانّ بيعها مقابل عشرين جنيهاً أمر مقبول ومربح لمن يريد مشاهدة فيلم لم يعد متاحاً في دور العرض.
أمّا النسخ «المضروبة» التي كانت تتوافر على الأرصفة فور وصول الأفلام إلى الشاشات، فكانت تتمتع دوماً بجودة منخفضة، لا تصلح إلا للمشاهدة على الكمبيوتر. وتصل هذه النسخ عن طريق تصوير الفيلم بكاميرا صغيرة أو بالهاتف المحمول من داخل صالة عرض يسمح القائم عليها بذلك مقابل مبلغ مالي صغير.
رغم ذلك، كان المنتجون يشتكون من القرصنة المتزامنة مع عرض أفلامهم لأنها تؤثر ولو قليلاً على دخل شبّاك التذاكر. لكنّ الوضع هذه المرة مختلف. هناك من يحصل على «ماستر» الفيلم ويقوم بصناعة «نسخة» تتحوّل لاحقاً إلى آلاف النسخ الصالحة لمشاهدة جيدة. حتى أن صناع فيلم «دكان شحاتة» فوجئوا بمكالمات من أوروبا وأميركا تهنّئهم على مستوى الفيلم الذي شاهدوه بالكامل عبر الإنترنت أو عبر نسخ عبرت الحدود في حقائب المسافرين. ويتردد بقوة أن المخرج خالد يوسف فتح تحقيقاً بين العاملين معه لمعرفة كيفيّة تسرّب النسخة الأصلية من خلال غرفة المونتاج لأنّ هذا هو الاحتمال الوحيد الذي يفسّر الظاهرة.
أفلام أخرى عدّة تعرضت للأمر نفسه، منها «عمرو وسلمى 2». حتى أنّ المنتج محمد السبكي نشر على موقع «فايسبوك» تحذيراً بأنه سيداهم بنفسه كل المواقع التي تعرض الفيلم من دون سند قانوني. وهو ما يجعله يقف في صف واحد مع المنتج محسن جابر الذي يطالب منذ خمس سنوات بتدخل الجهات المعنية بهدف حماية صناعة الموسيقى في مصر من القرصنة. وخصوصاً أنّ القانون لا يزال يتعامل بهدوء مع حالات السرقة. حتى أنّ أحد المواقع التي تسرق أغنيات شركة «عالم الفن» غرّمتها المحكمة 10 آلاف جنيه أي أقل من ألفي دولار وهو رقم زهيد مقارنة بالمكاسب التي يحقّقها الموقع وفق تصريحات سابقة لمحسن جابر. من جهة أخرى، تقف القنوات الفضائية موقف المتفرّج بانتظار ما ستسفر عنه هذه المعركة، وخصوصاً «روتانا سينما» التي تنتهج منذ نيسان (أبريل) الماضي سياسة بث الأفلام الجديدة حتى قبل نزولها على «دي في دي» إلى الأسواق.