وجد منتجو المسلسل أنفسهم أمام خبر منع عرض المسلسل في الكويت بسبب تضمّنه ألفاظاً مسيئة إلى الرسول
وسام كنعان
آخر ما كان يتوقّعه صنّاع المسلسل التاريخي «صدق وعده»، هو ما نشرته جريدة «القبس» الكويتية أخيراً عن رفض رقابي للعمل، نتيجة تضمّنه ألفاظاً مسيئة تصف النبي محمد. وأكّد التقرير أنّ تلك الألفاظ جاءت على ألسنة مشركي قريش آنذاك، وهو الأمر الذي كان يحصل فعلاً حسب المصادر التوثيقية للسيرة النبوية.
لكنّ الإشكالية تتمثّل في توقيت تسريب هذه المعلومة الرقابية إلى الصحافة، إذ إنّ التوقيت جاء أقرب إلى الساعة الصفر، حيث حسمت معظم المحطات أمرها في شأن شراء أعمال درامية. لم يفوّت القائمون على العمل التاريخي فرصةً ليؤكدوا أنّ العمل لا ينطوي على أي إساءة إلى رمز ديني، وأنّ المعالجة الدرامية للحدث بعيدة إلى حدّ ما عن تناول تلك الرموز.
في «سامة للإنتاج الفني» يجتمع معظم المعنيين بالعمل، عثمان جحا كاتب السيناريو، أبدى استياءه الشديد مما تداولته الصحافة الكويتية: «ليس من الحكمة أن يصل شأن داخلي يخص وزارة الأوقاف ومؤسساتها الرقابية إلى الصحافة، قبل أن تعلم الشركة المنتجة والمسؤولة عن التوزيع بهذا الأمر». ويضيف: «هناك نيّات كيدية غايتها إيقاف العمل أو عرقلة توزيعه. أي محطّة تملك حق رفض أي عمل، لكن ليس لها حق نشر ذلك في الصحافة، وخصوصاً في هذه المرحلة الحسّاسة».

هل نتجاهل ما واجهه الرسول من إساءات في مرحلة نشر الدعوة؟

وكانت الصحيفة الكويتية قد ذكرت أنّ العمل يصف النبي والسيدة خديجة بألفاظ غير لائقة. لكنّ جحا قال في حديثه لـ«الأخبار»: «نحن من أحرص الناس على سيرة النبي ومكانته، وفي المسلسل، تظهر مراحل حياته كجزء من الدعامة الإسلامية، لكن لا يمكننا أن نتجاهل ما كان يواجهه من إساءات في مرحلة نشر الدعوة».
يستطرد جحا مبيّناً أن الخبر المنشور يحمل تناقضاً بحد ذاته، إذ ورد فيه أنّ المسلسل يصف النبي بأوصاف غير لائقة، ثم يعود ليذكر أنّها كانت ترد على ألسنة المشركين. هنا يسأل جحا: «ما دامت كتب السيرة قد جاءت على ذكر مثل تلك المواقف، فهل يُفترض أن نتجاهلها؟».
من جهته، أصرّ أديب خير مدير شركة «سامة»، على أنّ الصحافة الكويتية نشرت مسائل مغلوطة لا مناص من تصحيحها عند القارئ، «طلبت المحطة جزءاً من العمل لبتّ موضوع شرائه، فأُرسلت أربع حلقات، لا ثمانٍ. ولم تحوِ تلك الحلقات إلا جملة واحدة على لسان أحد رجال قريش، يقول فيها عن النبي: ذلك الساحر وزوجته. هذه محاولة «تذاكٍ» من أجل كسر سعر العمل لا أكثر. فالمحطة عادت وطلبت عرض العمل حصرياً بعد رمضان، لكنني أخبرتهم أنّ القطار فاتهم بعد بيعه لحوالى عشر محطات».
يوضح خير أن المسلسل التاريخي يطرح شخصياته كما هي، بتصاعد درامي محبوك، فكثير من الشخصيات تبدأ بعيدة عن الإسلام، ثم تعود لتعتنقه، وذلك في إطار يبغي التشويق والإمتاع من خلال نظرة تاريخية موثّقة. «إذا كانوا حريصين على السيرة النبوية فليتّقوا الله بنا، وليتذكروا أن الفتنة أشدّ من القتل»، يختم المنتج.
إذاً رغم حرص «صدق وعده» الشديد على التعاطي مع فترة نشر الدعوة الإسلامية بطريقة تحميه من الدخول في دهاليز التحريم ومرجعياتها، يبدو أن كل ذاك الحرص لن ينفعه... والنتيجة أن الدراما العربية ستظل تخضع لرقابة مؤسسات اجتماعية ودينية تحدّ من إبداعها وتكسر قدمها.