أحمد الزعتريهل تذكرون «بورات» (٢٠٠٦) الصحافي الكازاخستاني الساذج الذي سافر إلى أميركا، لنكتشف عبره ما تقوم عليه الدولة العظمى من عنصرية ولاساميّة وأوموفوبيا؟ يومها، حار الجمهور الذي لا يعرف ساشا بارون كوهين، بين ما هو حقيقي وما هو متخيّل. ضاع بين الممثل البريطانيّ وشخصيّته الغريبة التي اخترعها في برنامجه التلفزيوني Da Ali G show. وها هو كوهين يعود في شخصيّة «برونو» (إخراج لاري تشارلز أيضاً) صحافي الموضة النمساوي المثليّ الذي يسافر إلى أميركا بحثاً عن الشهرة، وسيفعل أي شيء لتحقيق ذلك. سيعرض شريطاً ترويجيّاً لنفسه، لا يخلو من البذاءة والهبل، أمام نقّاد! ثم يقابل المغنية باولا عبدول، ويحوّل العمّال إلى أثاث لتجلس على ظهر أحدهم... ويتبنّى طفلاً أفريقياً أسوةً بأنجلينا جولي، ثمّ يعلن أنّه حصل على الطفل بعدما قارعه بجهاز i Pod.
هل الفيلم باطل أريد به حقّ؟ يأخذ برونو الكليشيهات التي تحدد نظرة أميركا إلى العالم إلى حدودها الكاريكاتورية الصادمة. لن يسلم أحد من استفزازه الذي يعرّي سطحيّة المجتمع الاستعراضي.
حين وصل «برونو» إلى فلسطين، أثار جدلاً كبيراً، وهددت كتائب شهداء الأقصى بقتل كوهين. اكتشف صديقنا أنّ الشهرة تمرّ بالانخراط

يلعب فيلم Brüno على الكليشيهات، ليأخذها إلى حدودها الكاريكاتورية الصادمة...

في القضايا الإنسانيّة، فانبرى لحلّ القضية الفلسطينيّة! نراه يجمع غسان الخطيب الناطق باسم الحكومة الفلسطينيّة مع يوسي ألفر ضابط سابق في الموساد. ثم يسأل ألفر: «لماذا لا تحبّون الهومّوس (الحمّص)؟» فيبدأ الطرفان بتوضيح الفرق بين الحمّص و«حماس». هنا يعلن برونو حلّ الصراع، ما دام الطرفان متفقين على... الحمّص! وتنتهي الحلقة بأغنية عن السلام فيما تتشابك أيدي الخطيب وألفر وبرونو.
ومن أجل الشهرة أيضاً، يقرّر «برونو» أن يُختطف على يد «إرهابيين»، فيقابل الفلسطينيّ أيمن أبو عيطة، مدّعياً أن موضوع اللقاء هو الشباب الفلسطينيّ. ثمّ يحاول استفزاز عيطة حتى يختطفه. وعندما يفشل، يعلّق «الملك أسامة بن لادن يبدو كأنه ساحرٌ قذر أو سانتا كلوز متشرّد». فوجئ أبو عيطة، بعد خروج الفيلم بتقديمه كـ«قائد مجموعة إرهابيّة في مخيّم عين الحلوة»، فرفع دعوى على كوهين. وتركنا نتساءل: أين ينتهي، في الفيلم، الاستفزاز النقدي الذكي... ليبدأ التزوير، والاستسهال الذي يكاد يخرج عن إطار الفنّ والأخلاق معاً؟