قلَّما امتد تأثير باحث في مجال كالأنثروبولوجيا إلى الأدب والفلسفة والفكر، كما كان تأثير كلود ليفي ـــــ ستروس على معاصريه ومن لحقهم. كان «الرواقي الأخير» الأب الروحي لكوكبة كبيرة من الروائيين والمفكرين والفلاسفة. منهم من تأثر بكتاباته على نحو مباشر أو غير مباشر، حتى لو انتفض بعضهم عليها لاحقاً.قارئ الفرنسي ميشال تورنييه مثلاً، لا يمكنه غضّ النظر عن السكان الأصليين لأفريقيا وأميركا الجنوبية والعوالم القديمة والوحوش والغيلان والأساطير، وخصوصاً في «فاندروني أو الحياة المتوحشة». أمّا فلسفياً، فامتد تأثير ستروس إلى لوي ألتوسير ولم ينته مع نعوم تشومكسي. كان ألتوسير يعرف بـ«البنيوي الماركسي»، وتأثر بالبنيوية مذهباً فكرياً كما طوّرها ستروس. استخدم ألتوسير البنيوية ليظهر الحقيقة كما رآها، ليعيد قراءة هيغل، ماكيافيلي وسبينوزا من وجهة نظر بنيوية صرف، مازجاً أفكارهم مع ماركسيته. ميشال فوكو من جهته كان خلال الستينيات من أتباع صاحب «مدارات حزينة»، إذ يبدو تأثير هذا الأخير واضحاً في كتاب «الكلمات والأشياء» (1966). أما عالم النفس الفرنسي جاك لاكان فكرَّّر في أكثر من مناسبة أنّه يدين بمفهومه للبنيوية إلى ستروس. ألم يكن «البنى الأساسيّة في القرابة» الذي كتبه ستروس عام 1949 الكتاب الأكثر استخداماً في محاضرات لاكان؟ ويمكن الجزم بأنَّ إدخال لاكان للبنوية في علم النفس يُعدّ من أهم إنجازاته العلمية.
تأثير ستروس امتد إلى علم الاجتماع، إذ استعان بيار بورديو بنظرية البنيوية ليبرهن أنّ النظم الاجتماعية تعيد إنتاج نفسها. أما عالم الألسنيات نعوم تشومسكي، فاعتمد على أبحاث ستروس في اللغة وربطها بالأنثروبولوجيا ليطوّر نظرياته الخاصة بهذا العلم. ولا يمكن تجاهل تأثير ستروس في جيل دولوز، رولان بارت وجاك دريدا، إذ استخدم هذا الأخير تفكيكية ستروس ليطوّر نظريته الخاصة. لا ننسى أومبرتو إيكو الذي كرّم معلمه باستحداث اختصاص «أنثروبولوجيا الغرب» وتدريسه بعيون عالمثالثية.
ديما...