«مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية» تعلن ولادتها الرسميّة بأمسية خاصة هذا السبت، في «قاعة بيار أبو خاطر». على البرنامج فرقة «أصيل» والفنان فؤادي زبادي

بشير صفير
خبر سار لهواة الطرب الأصيل: بعد تحضيرات وشغل على مراكمة الأرشيف القديم، انطلقت في بيروت أخيراً «مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية». وأوّل نشاطات المؤسسة التي يمسك بدفّتها المحامي ورجل الأعمال اللبناني كمال قصّار، سهرة فنيّة السبت تجمع الفن التراثي والطرب الشعبي في «قاعة بيار أبو خاطر». القسم الأول من البرنامج، تحييه «مجموعة أصيل» (لبنان ومصر وسوريا) مع عزف وإنشاد تقليديَّين، ثم يلتقي الجمهور المطرب الشعبي فؤاد زبادي (الصورة).
تأسّست «مجموعة أصيل» عام 2003، ونشطت عبر حفلات دورية منحتها الشهرة المرجوّة لدى الجمهور. توسّعت تركيبة الفرقة، فباتت تضم اليوم مصطفى سعيد (عود)، وغسان سحّاب (قانون)، وأحمد الصّالحي (كمان)، وأسامة عبد الفتّاح وهشام حلاق (إنشاد)، وسلمان بعلبكي (إيقاع). في الجزء المخصّص لها في برنامج الأمسية، تقدّم المجموعة وصلة في مقام الراست، تتألف من سماعي وموشَّحَيْن وتقاسيم ودَوْر.
أما فؤاد زبادي، فهو فنان خمسينيّ من المغرب، يملك صوتاً يليق بالطرب. لكن في المقابل، يفتقر إلى الشهرة التي يجب أن يتمتع بها مقارنةً بقيمته الفنية. في زمنٍ انعكست فيه المعادلة المنطقية التي تربط بين هذين العنصرين، لا يكفي الولع بالأصالة للوصول إليها. إذ لا يتوافر للمطرب المغربي أيّ تسجيل في الأسواق، وكل ما يمكن الحصول عليه هو بضْعة تسجيلات عن الإنترنت، معظمها مقتطفات من حفلات تبثّها أحياناً بعض الشاشات العربية. من هنا، ولولا ثقتنا بالمؤسسة الداعية إلى الأمسية، لكنّا قد تحفّظنا في تناولنا لتجربة زبادي، لأن هذه الوسيلة (الإنترنت) لا توفّر الشروط المطلوبة (من الناحية التقنية الصوتية) للقيام بالتقويم السليم.
غير أن الاطّلاع على هذه التسجيلات، يسمح بالإشارة إلى عناصر أكيدة. أولاً، يتمتع هذا المطرب بحضورٍ قويّ وشخصية واثقة، فينعكس الأمر ثقة لدى المستمع. أضف إلى ذلك صوته الرخيم ذا الطاقة المتربِّصة التي تلغي حذر الجمهور من إخفاقات الأداء عند المفاصل الغنائية الحساسة (الجمل الدقيقة، التطريب، التلوين،...). في المقابل، ثمة ملاحظة تخصّ أمراً محيّراً، قد تنقسِم حوله الآراء. نقاوة الصوت، تعكرها أحياناً «حشْرَجَة» في القرار. هي برهة طفيفة لكنها لافتة، وبالتالي تحمل تأثيراً، سلبياً أو إيجابياً، وذلك وفق الذائقة الشخصية.
في العقدَين الأخيرَين، حقق فؤاد زبادي إنجازات في عالم الأغنية الطربية الشعبية (المصرية). نال العديد من جوائز التقدير، وشارك في أبرز المهرجانات، في بلاده كما في بعض الدول العربية. أصدر بعض الأغاني الخاصة، لكنه معروفٌ بأدائه المميّز لكلاسيكيات الطرب الشعبي، وتحديداً الألحان التي غنّاها المطرب الكبير محمد عبد المطَّلب، إضافةً إلى ريبرتوار المطرب كارم محمود.

«الناس المغرَمين»، «ساكن في حيّ السيدة»، «يا عيني عالصّبر»...

هكذا ستتمحور إطلالته اللبنانية حول أغنيات اشتهرت بصوت عبد المطَّلب مثل «الناس المغرَمين» (ألحان كمال الطويل)، «إسأل مرّة عليَّ» (ألحان سيد مكاوي)، «ما بيسألش عليَّ أبداً» (ألحان محمود الشريف)، «ساكن في حيّ السيدة» (ألحان محمد فوزي)، وغيرها. إضافةً إلى «يا عيني عالصّبر» (لوديع الصافي، ومن ألحان رياض البندَك)، و«أمانة عليك» (كارم محمود)... فؤاد زبادي ينجح في أداء أغاني عبد المطلب، مستحضراً تلك الشخصية المحبَّبة والمرحة التي كانت تميِّز صوت المطرب الراحل. كما ينجح في أداء كلاسيكيات كارم محمود، مشذِّباً ذاك التخطّي الطفيف لحدود الرومنسية في نبرة هذا الأخير.
مرّة جديدة، يجد الطرب مَن يعيد إليه الاعتبار في لبنان. في زمن بات يضيق بالفنّ الأصيل، يعيش الجمهور البيروتي بعد 3 أيام، صحوة مشتهاة... علماً أن «مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية» التي يشرف عليها ذوّاقة من الصنف الرفيع، تخبّئ لنا مواعيد كثيرة، وليست سهرة السبت سوى أوّل الغيث.


8:30 من مساء السبت 20 الحالي ـــــ «قاعة بيار أبو خاطر» (طريق الشام/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 03/903539