strong>عدنية شبليمن القدس إلى نابلس البلدة القديمة ومخيم بلاطة، إلى الخليل ومخيم الدهيشة بعد بيت لحم وبيت جالا ثم حيفا والناصرة، هكذا مضت أيام هذا الربيع، وانتهت أخيراً مع اختتام «احتفالية فلسطين للأدب». هذه الاحتفالية التي نُظِّمت للمرة الأولى عام 2008، تقام سنوياً كمحاولة ـــــ بتصرف عن كلمات المفكر الراحل إدوارد سعيد ـــــ لتأكيد تغليب قوة الثقافة على ثقافة القوة، مجدداً، في بلد ما برح يعاني الظلم والاحتلال والاضطهاد منذ عقود.
يمكن وصف الاحتفالية بأنها مهرجان سفر للأدب. يذهب الكتاب إلى جمهورهم في مدن مختلفة في فلسطين، عابرين بذلك نقاط تفتيش لا يمكن غالبية الفلسطينيين عبورها. هذا العام، افتُتحت في مدينة القدس، واختُتمت أيضاً هناك. وبين هذا وذاك، تنقّل الكتاب والفنانون المشاركون بين نابلس وجنين والخليل وبيت لحم ورام الله. وتضمّن برنامج الاحتفالية أمسيات أدبية ضمت حلقات نقاش مع الكتاب المشاركين وقراءات نصوص مسرحية، وعروضاً شعرية وموسيقية وعروض أفلام، وأخيراً معارض فنية احتفت هي الأخرى بالأدب على طريقتها، في مواقع مختلفة. مثلاً، قدّمت الشاعرة سهير حماد مع فرقة «تشويش» عرضاً في بيت وزن في محافظة نابلس، في مبنى تاريخي أعادت ترميمه «مؤسسة الرواق»، بينما استضافت «دار الندوة» في بيت لحم معرضاً فنياً لأعمال الفنان والخطاط الجزائري رشيد قريشي كان قد أهداها قبل أعوام لـ«مركز خليل السكاكيني الثقافي» في رام الله. وفي الخليل، قدَّم «مسرح نعم» قراءة مسرحية لأحد فصول كتاب «سرحات فلسطينية» للكاتب رجا شحادة. وهو ما فعلته مسارح إضافية في مدن أخرى كـ«مسرح الحارة» في بيت جالا و«مسرح عشتار» في رام الله. باختصار، برنامج الاحتفالية كان منوّعاً، لم يقتصر على لقاءات مع الكتاب المشاركين، بل حاول الاحتفاء بالأدب بشتى الوسائط الفنية. لكن ليس هذا فقط. لقد أُعدّت مختلف هذه النشاطات بالاعتماد على مساعدة المؤسسات الثقافية العاملة في فلسطين، التي راحت بدورها تقدم ما أمكنها لإنجاح النشاطات. المهرجان في الواقع يجري بدعم من و/ أو بالتعاون مع: «مؤسسة عبد المحسن القطان»، و«مركز خليل السكاكيني الثقافي» و«مؤسسة الرواق» و«مسرح عشتار» في رام الله، و«مؤسسة يبوس للإنتاج الفني»، و«مؤسسة المعمل»، و«مسرح الحكواتي»، و«المسرح الوطني الفلسطيني» في القدس، و«مسرح نعم» و«لجنة إعمار الخليل» في الخليل، و«دار الندوة» في بيت لحم، و«مركز إبداع» في مخيم الدهيشة، و«مسرح الحارة» في بيت جالا، و«مركز يافا الثقافي» في مخيم بلاطة، و«مسرح الحرية» في مخيم جنين، ومؤسسات محلية أخرى (إضافة إلى مؤسسات من الخارج كمؤسسة «آنا ليند» والمجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة «آفاق» وسيجريد روزنج).
هنا يمكن القول إنّ الاحتفالية ـــــ عبر التشبيك بين مختلف هذه المؤسسات والعمل معها من مواقعها المختلفة ـــــ تتحدى وتتصدّى لثقافة التقسيم التي راح يفرضها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين منذ أكثر من ستة عقود أمراً واقعاً. وهنا يمكن القول بأن الأدب يقاوم، وهو ليس فقط أدباً مقاوماً في مضمونه.