بعد خروجها من السجن الإيراني ها هي الصحافية الأميركية من أصل إيراني، تحط في قطر لتوقّع كتابها «ما بين عالمين» وتروي تجربتها أمام حضور جلّه من الأجانب
الدوحة ــ إسماعيل طلاي
في قاعة المحاضرات المكتظّة في فندق «غراند حياة» (الدوحة) أطلّت روكسانا صابري الأحد الماضي، متحدثةً عن تجربتها مع السجن في إيران. وكما كان متوقعاً، فإن معظم الحاضرين كانوا من الأوروبيّين والأميركيّين. كيف دخلت هذه الصحافية الأميركية (من أصول إيرانية) إلى طهران؟ ولماذا اعتُقلت في كانون الثاني (يناير) 2009؟ وكيف أُفرج عنها في أيار (مايو) 2009؟ أسئلة حاولت روكسانا الإجابة عنها من خلال سرد قصتها منذ دخول إيران وصولاً إلى خروجها من السجن بعد حملات التضامن العالمية معها. «ذهبت إلى إيران بحثاً عن هويتي» قالت، مؤكّدة أنها أُعجبت بهذا البلد، وخطّطت للاستقرار فيه، لو لم تُعتقَل ثم ترحَّل. واستعانت روكسانا في حديثها بمجموعة من الصور لزنزانتها الإيرانية، قالت إنها التقطتها أثناء الاعتقال، من دون أن توضح للحاضرين كيف تمكّنت من التقاط هذه الصور والاحتفاظ بها! هكذا طيلة ساعة من الوقت، وصفت صابري معاناتها داخل السجن الإيراني. «كنت خائفة طيلة وجودي في الزنزانة الصغيرة»، قالت متحدثة عن الوضع المزري الذي عاشت فيه «كانت الغرفة الصغيرة تحتوي على مرحاض معطّل، وصنبور نصحني الحرّاس بأن لا أستعمله... ولم يكن هناك سرير، بل كنت أنام على أرضية إسمنتيّة». كما أعلنت أن «لافتة علّقت على باب الزنزانة وكتب عليها «السجن لتحسين البشرية»».
بدأت قصة روكسانا مع السجن، عندما اكتشف الحرس الثوري الإيراني أنها تحمل مسودة لكتاب تعمل على تأليفه، ويحتوي على تصريحات لإيرانيين مقيمين في الولايات المتحدة. وهو ما عدّه الحرس كافياً لاتهامها بالتجسّس حسب قولها. وطبعاً، استفاضت صابري بوصف ما سمعته ورأته من مشاهد تعذيب في السجون الإيرانية «كنت أسمع من خلف الجدران أصوات معتقلين وصراخهم بسبب التعذيب».
وبعد التحقيق معها، وإقناعها بالاعتراف بأنها جاسوسة مقابل إطلاق سراحها، قبلت روكسانا العرض، «وقلت إنني كتبت الكتاب بدافع التجسس على إيران، فطلبوا مني أن أعيد هذه العبارة أربع مرات أمام الفيديو، كي يضمنوا أن ملامحي طبيعية، وأنني لا أقول ذلك نتيجة تعذيب أو إكراه».
روكسانا التي حظيت بتصفيق حار، حتى من جانب مثقفين عرب، بدت مرتبكة عند طرح بعض الأسئلة عليها مثل: «هل تعتقدين أنه كان سيفرَج عليك، لو لم تكوني أميركية، بينما يقبع صحافيون آخرون في سجون أخرى ولا أحد يسأل عنهم؟»، و«ألست محظوظة لأن سجنك تزامن مع أزمة بين الولايات المتحدة وإيران، فكان إطلاق سراحك نتيجة مقايضة بين الطرفَين؟»...
اعترفت الصحافية الأميركية أكثر من مرة بأنّها «محظوظة» لإطلاق سراحها بفضل التضامن العالمي، فيما آخرون لا يزالون معتقلين في إيران، لكنها رفضت فكرة وجود «صفقة» سياسية أسهمت في مغادرتها السجن الإيراني.

رأت أنّ ما يعانيه معتقلو غوانتنامو لا يقلّ عما يحصل في السجون الإيرانية

ولم تنسَ التذكير بما وصفته بأنّه «صورة قاتمة لوضع حقوق الإنسان في إيران»، من قمع الحريات، وانتشار المخدرات... كذلك اتهمت المحافظين بالقضاء على بوادر الحرية التي عرفها الإيرانيون في عهد خاتمي.
ورغم إعجاب معظم الحاضرين بقصة روكسانا صابري، فإنّ بعض الجمهور العربي اعترف بأن الندوة لم تكن سوى حلقة جديدة من البروباغندا الأميركية. ولعل ما ثبّت هذه النظرية كان موقف صابري عندما سئلت عن رأيها في ما يتعرّض له المعتقلون في معتقل غوانتنامو. إذ دعت إلى الدفاع عن حقوق الإنسان في كل العالم «لكنني صراحةً لا أعرف إن كان غوانتنامو لا يزال موجوداً أو قد أُغلق»! ثمّ سألها أحد الحاضرين إن كانت تنوي زيارة المعتقل، فردّت ببساطة «قيل لي إن ما يعانيه المعتقلون هناك وفي أبو غريب لا يقل عما هو موجود في سجن إيران، لكني لا أنوي زيارة غوانتنامو ولا أفكر في ذلك حالياً». ويذكر أنّ صابري سبق أن وقّعت كتابها «ما بين عالمين» الذي تروي فيه معاناتها في إيران