مايكل هانيكي وكين لوتش وفرنسوا أوزون والآخرونسناء الخوري
معيار اختيار الأفلام المشاركة في «مهرجان السينما الأوروبيّة» بسيط: سفارات الدول الأوروبيّة في لبنان ترسل الأعمال التي تختارها. هكذا، تعدنا الدورة الـ17 التي تنطلق في 25 الحالي بأفلام بالغة الأهميّة، وأخرى تبدو كأنّها اختيرت على عجل. لهذا، لن تستغرب إن وجدت على برنامج المهرجان السنوي أفلاماً يعود تاريخ إنتاجها إلى عام 2006 مثلاً. مع ذلك، يمكن عشاق السينما في لبنان أن يستمتعوا بأفلام جادة ما زالت تحاول مقاومة الاجتياح الساحق للسينما الأميركية في صالاتنا: مايكل هانيكي، وكين لوتش، وفرانسوا أوزون، وآخرون ينتظرونهم في صالات «متروبوليس أمبير صوفيل». في برنامج «مهرجان السينما الأوروبيّة 17» الذي يُعدّ أحد المواعيد النادرة والنوعيّة مع سينما المؤلف في العاصمة اللبنانية، 32 فيلماً روائياً، وأفلام تحريك، وأفلام طلابيّة قصيرة، وورشة عملشريط «لوفت» (2008) للبلجيكي إيريك فان لوي، يفتتح عروض المهرجان الذي تنظمه «بعثة الاتحاد الأوروبي» عند السابعة والنصف مساء الخميس المقبل. إنّه فيلم عن مغامرة سوداويّة لخمسة رجال متزوّجين، يكتشفون جثّة فتاة في شقة يزورونها دورياً مع عشيقاتهم. الصالة نفسها ستعرض أحدث أفلام كين لوتش «الطريق الإيرلندي» (2010 ـــــ 27/11 و2/12). بين ضباب ليفربول الثقيل والرمال البغداديّة المتحرّكة، يستقرئ صاحب «الريح التي تهزّ الشعير» مرحلة ما بعد حرب العراق وآثارها على المرتزقة الخارجين من جحيم الشركات الأمنية الخاصّة. بطله فرغوس، يسترجع أمامنا ماضيه العراقي وعمله في إحدى الشركات الأمنية مع صديق طفولته فرانكي. مقتل هذا الأخير على «الطريق الإيرلندي» الذي يربط المنطقة الخضراء بمطار بغداد، يدخل فرغوس في دوامة من الندم والشك في أنّ موت صديقه لم يكن مصادفةً. خلف عفويّة الكاميرا المحمولة، وحميمية اللقطات المقرّبة، مساءلة سياسية موجعة: ماذا بعد غزو العراق؟
أسئلة موجعة أخرى يطرحها مايكل هانيكي في رائعته «الشريطة البيضاء» (28/11 و3/12). الفيلم الحائز سعفة «كان» الذهبية عام 2009، محاكمة بالأبيض والأسود لكلّ منظومات الكبت، من خلال قصّة قرية في الشمال الألماني. عشيّة الحرب العالميّة الأولى، في محيط بروتستناتي متزمّت، تقع سلسلة حوادث غريبة، كأنّها عقوبة متنقلة، يذهب ضحيتها سكان تلك القرية. يرسم السينمائي النمساوي مكاناً خارج الواقع، وسط مناخ ضاغط، وتحت سطوة علاقات اجتماعية متوتّرة، ونظام تربوي ديني صلب، ومؤسسات فاسدة. استعارة تاريخيّة لجذور النازية ولجميع الأنظمة القمعيّة الأخرى استطراداً.
تحضر الأعمال ذات الخلفيّة التاريخيّة والسياسيّة بقوّة على برنامج «مهرجان السينما الأوروبيّة»، وقد يكون أكثرها إثارة للجدل شريط كزافييه بوفوا «رجال وآلهة» (3/12). السينمائي الفرنسي أثار موجة انتقادات بسبب تناوله الملتبس لمجزرة اغتيال ثمانية رهبان في دير في ضاحية تيبحيرين (جنوب الجزائر العاصمة). من الأفلام المرتقبة أيضاً، آخر أعمال السينمائي الفرنسي الراحل ألان كورنو «جريمة حب» (27/11 و1/12). يتناول الفيلم علاقة مركّبة وشائكة، بين موظّفة شابة في شركة متعدّدة الجنسيات ومديرتها المتسلّطة، تنتهي بجريمة شبه كاملة. من إنتاجات العام الحالي أيضاً، فيلم La nostra vita (29/11 و4/12) للسينمائي الإيطالي دانيال لوتشيتي... من دون أن ننسى جديد السينمائي الفرنسي فرانسوا أوزون Potiche (2010 ـــــ 26 و29/11). في قالب كوميدي ساخر، نجد أنفسنا وسط عائلة بورجوازيّة في سبعينيات القرن الماضي. الزوج، روبير بوجول

أعمال ذات خلفية سياسية وتاريخية والختام مع فيلم جوزف فارس Balls
(فابريس لوتشيني)، رجل أعمال متسلِّط يملك مصنع مظلات. عندما يصاب بأزمة صحيّة، تتولى زوجته سوزان (كاترين دونوف) مهمة إدارة المعمل، حين يقوم العمال بإضراب يناصرهم فيه عشيقها السابق، وهو عمدة المدينة الشيوعي (جيرار دوبارديو).
إلى جانب الأعمال المكرّسة، يفتح المهرجان الباب للعروض الطلابية: 21 فيلماً قصيراً تتنافس على جائزتي أفضل فيلم، وجائزة خاصة من لجنة التحكيم. من جهتها، تنظّم جمعيّة «متروبوليس» ورشة عمل عن الفيلم القصير بعنوان Beyrouth tout court. بعض أفلام المهرجان ستجول على طرابلس وصيدا وزحلة، بانتظار فيلم الختام Balls (التاسعة مساء 5/12) للسينمائي اللبناني السويدي جوزف فارس. نعود إلى عام 2005، لنتذكر كارمن لبس وزياد كريدي وأداءهما اللافت، في أشهر أفلام جوزف فارس «زوزو»، عن ذاك الطفل الذي تقتل الحرب الأهلية والديه وتطرده من بيروت إلى حضن جدّته وجدّه المقيمين في السويد.
كلّ هذه المواعيد أعلنتها في مؤتمر صحافي إلسا فيني. حينها، آثرت مستشارة «بعثة الاتحاد الأوروبي» توجيه تحيّة خاصة إلى الأمن العام اللبناني «لأنّه لم يمنع أي فيلم من الأفلام المقترحة»! بالتأكيد لم تسمع السيّدة الدمثة بمآسي السينمائيين اللبنانيين مع قرارات الرقابة الاستنسابيّة في الآونة الأخيرة... قد يكون من حسن حظّ الجمهور اللبناني أنّ «مهرجان البعثة» يتمتع بحصانة ما. الأمن العام لا يقصّ الأفلام التي تدور أحداثها على قارة أخرى!


من 25 ت2 (نوفمبر) الحالي حتى 5 ك1 (ديسمبر) المقبل ـــــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفيّة). للاستعلام: 01/569400 ـــــ 01/204080