لم تستطع الاعتداءات الإسرائيلية أو التهديدات الإرهابية الأمنية أن تقفل سوق الاثنين في النبطية، ولو لأسبوع واحد. لكن الزبالة تستطيع. إذ قد تلجأ بلدية النبطية إلى إلغاء سوق الاثنين بسبب أزمة النفايات وتراكم أكوامها في شوارع المدينة، بعد إقفال أهالي الكفور مكبّ بلدتهم الذي كان يستقبل نفايات النبطية ومنطقتها. فالأهالي لا يزالون يقفلون الطريق المؤدية إلى المكب، لمنع الشاحنات من إفراغ النفايات في المكب.
بعض فعاليات المنطقة، ومنهم رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل، جهد لإقناع رؤساء البلديات المجاورة باستقبال كميات من النفايات المنتشرة في شوارع المدينة، لكن من دون جدوى، ما دفع البلدية إلى اقتراح إلغاء سوق الاثنين بسبب صعوبة استيعاب المزيد من النفايات التي يخلفها المواطنون والباعة.
فعاليات المنطقة لا تزال يائسة من إيجاد الحل المناسب لأزمة النفايات، برغم أن أربع شركات تقدمت إلى المناقصة للمنطقة الخدماتية التي تضم محافظتي الجنوب والنبطية والتي يفترض أن تتسلّم جميع مراكز المعالجة الموجودة في المنطقة حين تباشر بأعمالها، وأبرز هذه المراكز معمل الكفور لمعالجة نفايات النبطية ومنطقتها الذي لا يزال ينتظر التدشين. من بين الشركات التي تقدمت للمناقصة الجديدة ائتلاف يضم شركتي «يامن» و»ساترم» الفرنسية. عند «يامن» تكمن القصة. لأجل الشركة المحسوبة على حركة أمل، عُرقل تشغيل المعمل إثر افتتاحه قبل أكثر من عام في الكفور بجوار النبطية. المناقصة التي خصصت لتشغيله، رست على شركة «معمار» القريبة من حزب الله. أطراف من «أمل» عارضت، حتى أفشلت المناقصة برمتها وأقفل المعمل قبل افتتاحه. أوعزت إلى اتحاد بلديات الشقيف المكلف تشغيل المعمل، والذي تولى تشييد المبنى، إلغاء المناقصة، مستخدماً بنداً في الاتفاقية مع الوزارة يسمح له بتعطيل أي عقد. علماً بأن الصلاحية أُعطيت له لضمان التزام الشركة المشغلة بالشروط اللازمة. علماً بأن المعمل مشروع تشرف عليه وزارة التنمية الإدارية وكان من المقرر أن يشيد في عقار في النبطية. إلا أن فعاليات من المنطقة توافقت على نقله إلى الكفور بالقرب من المكب العشوائي الذي يستقبل نفايات المنطقة. الاتحاد الأوروبي جهّزه بالمعدات اللازمة، فيما كان على اتحاد بلديات الشقيف الذي تكلف تشييد المبنى، تشغيله بإشراف الوزارة حيث يتوافر في خزينتها مبلغ خاص للبدء بتشغيله.

مصير معمل الكفور لن يتضح قبل رسوّ المناقصة على إحدى الشركات الأربع
لكن النكايات السياسية عطّلت المشروع. أوساط قريبة من حزب الله ردت الصاع. أوعزت إلى بلدية الكفور القريبة منه، بإقفال الطريق أمام شاحنات النفايات، ما أدى إلى تراكم النفايات في المدينة وبلدات الجوار. إقفال مكب الكفور أنتج نحو 28 مكباً عشوائياً حيث اضطرت كل بلدية إلى رمي نفاياتها في عقار تابع لها.
اليأس من حل قريب دفع الأندية والجمعيات في النبطية إلى عقد لقاء اقترحوا فيه «إقفال سوق الاثنين ومداخل النبطية احتجاجاً، واحتلال معمل الفرز وتشغيله عنوة والمطالبة باستقالة اتحاد البلديات، خصوصاً بعدما تغيّب رئيسه محمد جابر منذ بدء الأزمة الأخيرة في رحلة خارج البلاد». المجتمعون حمّلوا المسؤولية المباشرة لحزب الله وحركة أمل. تصعيد تدريجي لوحوا به، بغض النظر عن نجاح المناقصة المرتقبة أو فشلها، خصوصاً أن الصورة لن تتضح قبل رسوّ المناقصة على إحدى الشركات الأربع. على سبيل المثال، ما هي آلية العمل التي ستعتمد خلال الأشهر الستة السابقة لتاريخ بدء عمل أي شركة في المعمل؟ وكيف سيبرر نواب النبطية غيابهم «الفاضح» عن جميع اللقاءات حول الأزمة؟
رئيس بلدية النبطية المحسوب على حزب الله أحمد كحيل، عدّد النواحي القانونية والتقنية التي تحول دون تشغيل معمل الفرز، وقال إنه يسعى إلى إيجاد حل خاص بالمدينة من خلال بناء معمل فرز تقدر كلفته بـ 270 ألف دولار، وأعلن أن البلدية مستعدة لتحمل جزء من التكاليف، على أن توفّر المبالغ الباقية من الجهات المانحة ومن الخيّرين في المدينة.