بعد جولات امتدّت لمدة سنة، شملت المدارس المتوسطة والثانوية، الرسمية منها والخاصة، وصلت أمس المدارس الفائزة في التصفيات التي أقيمت في المحافظات إلى المرحلة النهائية من «مباراة العلوم» التي تنظمها الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث في لبنان منذ تسع سنوات بهدف التحفيز على التفكير العلمي وإبراز القدرة على الابتكار.
من الشمال، الجنوب، البقاع، بيروت وجبل لبنان، حضر الطلاب بمشاريعهم وابتكاراتهم. مشاريع فردية وجماعية أتى بها أصحابها من مدارس بعيدة عن العاصمة، كحال أساتذة وطلاب مدرسة حرار الرسمية المختلطة في عكار، وغيرها، الذين واجهوا صعوبة في الوصول إلى بيروت؛ إذ كان عليهم الانتظار طويلاً في طرابلس التي تشهد قتالاً دموياً.
توزّعت المشاريع بين الإيضاحية والآلية (صناعية)، والتكنولوجية والعلمية البحتة. هكذا أجرى طلاب مدرسة الكوثر في بيروت دراسة إحصائية حاولوا من خلالها التثبت من التأثير الإيجابي أو السلبي لمادة «المينثول» الموجودة في النعناع على الدماغ. وقد أجروا اختبارات على عيّنة من المتطوعين خلصوا فيها إلى أن هذه المادة تنشّط عمل خلايا الدماغ. فيما عمل تلامذة إحدى المدارس على تأكيد أن الجهاز العصبي مسؤول عن تسارع نبض القلب أو بطئه، رغم أن القلب عبارة عن عضلة تعمل بمفردها، لافتين إلى أن الأمر معاكس لدى من يقوم بعملية زرع قلب؛ إذ لا يتأثر نبضه بأي جهد أو أي إشارة عصبية يصدرها الدماغ، فيحافظ القلب على مستوى محدد من الدقات، وهو 96 دقة في الدقيقة.
ومنها إلى مدرسة الليسيه الفرنسية _ حبوش، التي ابتكر أحد طلابها جهازاً لتنقية المياه عبر الطاقة الشمسية. الجهاز الذي يحتوي على خزان للمياه، مطلي باللون الأسود، يختزن الحرارة لوقت طويل، وسيكون قادراً عند ارتفاع حرارته إلى 90 درجة مئوية على قتل الجراثيم في المياه، وكذلك يساعد على ترسّب المادة الكلسية في قعر الخزان، فيما يُبقي الأملاح المعدنية في المياه.
وعن فئة الابتكار الآلي، تمكن الطلاب من صناعة ماكينة لإعداد الـ«بيتزا»، حيث يمر العجين أسفل ثلاثة أجران صغيرة موصولة بأجهزة تحسّس، حتى تفرّغ كل منها مقداراً محدّداً من توابل ومكونات الـ«بيتزا»، وذلك قبل ولوجها فرناً كهربائياً صغيراً.
قد تكون أكثر المشاريع أهمية بين تلك التي تتنافس عليها المدارس، ثلاثة. يكمن الهدف من المشروع الأول، الذي أنجزه الطالب حسين هزيمة من الثانوية الإنجيلية في زحلة، في إفادة المكفوفين. لن يعود المكفوفون، بحسب هزيمة، في حاجة إلى العكاز. نظارات وسماعات أذن متصلة بأجهزة تحسّس صغيرة موجودة على الظهر والساقين، ستحل مكان العكاز في مساعدة المكفوف على تلمس طريقه من دون الحاجة إلى أحد. وأيضاً ثانوية صور الرسمية المختلطة التي صنع طالبان من طلابها دبابة صغيرة تعاون الجنود على الدخول إلى الأماكن الخطرة وتفجير الألغام، وهي تعمل عبر جهاز التحكم عن بعد. فيما أنجز ثلاثة طلاب كرسياً للكبار في السنّ، موصولاً بأجهزة وكاميرا تراقب الضغط والقلب. وإن ساءت حال المريض، يتصل حاسوب مثبت إلى جانب الكرسي بأرقام هواتف يكون صاحب العلاقة قد قام بحفظها، وتتنوّع بين أرقام الأقرباء أو المستشفى أو الإسعاف.
يذكر أن الحكام الذين يشرفون على المشاريع قبل تقويمها ومنحها الدرجة التي تستحقها، لا يعرفون أي معلومة عن صاحب المشروع أو اسم مدرسته، ما يجعل عملية التقويم أكثر صدقية، بحسب أمين سر الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث في لبنان الدكتور علي غندور.
أما بالنسبة إلى الفائزين (راجع الإطار) فالمجالات مفتوجة أمامهم، إذ شارك عدد من فائزي الدورة الماضية في «معرض الاختراعات الدولي» الذي أقيم في الكويت، ونال بعضهم ميداليات فضية على أفضل أصغر مخترع في العالم العربي.