لليوم الثاني على التوالي، يستمرّ الحريق مندلعاً في وادي جهنّم الفاصل بين قضاءي الضنية وعكّار، وسط مؤشّرات توحي بأنّه لن يتمّ إخماده بسهولة، بسبب تعذّر وصول فرق الإطفاء إليه نتيجة وعورة المكان والتهامه أشجاراً حرجية موجودة في منحدرات يصعب الوصول إليها، إضافة إلى ما يرافق ذلك من انهيار للأتربة والصخور في المكان، الأمر الذي يعرّض حياة عناصر فرق الإطفاء والمتطوّعين للخطر في حال أرادوا الوصول إلى المكان وإخماد الحريق المندلع فيه.
وقد دفع ذلك إلى الاستعانة بطوافتين للجيش اللبناني عملتا طوال يوم أمس وقبل ظهر اليوم، عبر برك مياه اصطناعية وُضعت في أماكن قريبة من موقع الحريق، على إخماد نقاط مشتعلة عند طرفي الوادي، وتحديداً في المنطقة الواقعة بين بلدتي القمامين لجهة الضنّية ومشمش لجهة عكّار في نقطة تُدعى وادي حقل الخربة، حيث امتدت النيران لتطاول أشجار الأرز والشوح في غابة القلة المطلّة على الوادي، وحوّلت الأحراج في المنطقة إلى رماد.
(الأخبار)()

وقدّر فريق «درب عكّار»، الذي شارك عناصره في إخماد الحريق إلى جانب عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني وفرق المستجيب الأوّل ومتطوّعين والأهالي، أضرار الحريق بحوالي 15 هتكاراً من المناطق الحرجية، في اليوم الأوّل فقط، وسط مخاوف من أن تتفاقم أضرار الحرائق هذه السنة بشكل يفوق ما حصل في السّنوات الخمس الماضية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

وقد نتجت هذه المخاوف من غياب أجهزة الرقابة وعدم محاسبة المعتدين على الوادي والمناطق الحرجية في المنطقة من تجار حطب وفحم وسواهم «معروفين بالأسماء»، عملوا خلال السنوات الأخيرة على «ارتكاب مجازر وأعمال إبادة للأشجار الحرجية في الوادي وجواره، من غير أن يجدوا من يردعهم أو يضع حدّاً لتجاوزاتهم»، وفق ما أكّد ناشطون لـ«الأخبار»، لافتين إلى أنّه تبيّن بعد التحقيقات أنّ «أغلب الحرائق كانت مفتعلة».

ويزيد استمرار الحرائق والتعدّيات في الوادي وأطرافه من مخاطر القضاء على وادٍ كان معروفاً حتى وقت قريب بأنّه المنطقة الوحيدة في لبنان التي كانت ما تزال بمنأى عن أيدي البشر نظراً لوعورتها، ومن هنا جاءت تسميته، وهو يأوي حيوانات برّية في طريقها إلى الانقراض كونها كانت تجد فيه فسحتها الوحيدة.