يدخل اللبنانيون موسم عيدَي الميلاد ورأس السنة بغصّة بسبب ارتفاع أسعار الهدايا والمأكولات والمشروبات التي اعتادوا تجهيزها في المناسبتين. طبق الديك الرومي التقليدي الذي يتوسّط مائدة عشاء عيد الميلاد لدى الكثيرين، «حبشة العيد»، سيُفتقد من موائد كثيرة لارتفاع سعره وارتباطه بسعر صرف الدولار.
تجاوز سعر «الحبشة» راتب القسم الأكبر من اللبنانيين، إذ وصل سعر كيلو ديك صغير مستورد إلى 200 ألف ليرة. أما المحلي بالحجم نفسه فوصل سعره إلى 125 ألف ليرة. فيما وصل سعر «الحبشة» المطبوخة المستوردة إلى 138دولاراً.

يوضح رياض خير الله، مسؤول في أحد المتاجر الكبرى، أنّ «سعر كل كيلو واحد من «حبشة العيد» المستوردة يُراوح تقريباً بين الـ200 ألف ليرة للحبشة الأميركية، و190 ألفاً للفرنسية، بينما لم يكن يتعدّى سعرها الـ20 ألفاً السنة الماضية، وعليه، فقد بات السعر الإجمالي لأصغر حبشة لا يقل عن مليون و500 ألف ليرة. تضاف إليه تكلفة لوازم الطهو من الأرز والكستناء...».

بحسب خير الله، يصل «سعر كيلو الحبشة المحلية إلى 125 ألفاً. في حين، يصل سعر كيلو الدجاج إلى 45 ألف ليرة تقريباً. وعليه، فإنّ الطلب على الفروج سيكون أعلى من الحبشة».

يؤكد خير الله أنّ غالبية المتاجر لا تزال تنتظر فترة الميلاد ورأس السنة لتحقيق أرباح كبيرة توازي مبيعات العام كله على الرغم من سوء الأوضاع، ويشير إلى أنّ «جميع التجار هذا العام استوردوا فقط نصف كميات بضائع السنوات السابقة».

في المقابل، تزيد كلفة شراء «الحبشة» الجاهزة من المطاعم بدلاً من تحضيرها في المنزل. ويحدّد سامي الأشقر، صاحب أحد المطاعم، سعر طبق «الحبشة» المطبوخة بالدولار تفادياً للدخول في خسارة أو جدل مع الزبائن. فقد حُدّد سعر كيلو «الحبشة» الفرنسية المطبوخة مع الأرز والمكسّرات بـ23 دولاراً، وكيلو «الحبشة» الأميركية بـ25 دولاراً. وعليه فإنّه بات سعر أصغر «حبشة» فرنسية مطبوخة يقارب الـ138دولاراً حسب سعر الصرف اليومي، وهو ما يساوي ثلث أو ضعف راتب أغلبية اللبنانيين. أما أسعار أطباق الأجبان الأوروبية المستوردة فتحدّد بما يقارب الـ250 ألف ليرة مقابل 250 غراماً تقريباً لكل شخص.

ويتوقّع الأشقر تراجعاً في نسب البيع إلى حدّ الـ40% عن العام الماضي، تزامناً مع ارتفاع أسعار «الحبشة». هذا فضلاً عن أنّ التأخير الناجم في عملية استيراد البضائع الأجنبية سينعكس سلباً على حركة البيع. فحتى الآن لم تصل إلى الأسواق اللبنانية إلا 10% من الكميات المطلوبة، ما سيدفع الناس إلى الاستغناء عنها في حال تأخّرت أكثر من أسبوع وستستبدلها بالتأكيد بمأكولات أخرى. ويعود هذا التأخير في الشحن، بحسب الأشقر، إلى «إشكال عالمي، إذ إن عملية الشحن من أميركا وبلدان أخرى باتت تكلّف أكثر بثلاثة وأربعة أضعاف ممّا كانت عليه سابقاً، ناهيك عن قلة الشحن في البلاد».

من جهته، برّر بشارة علم، صاحب دكان صغير، ارتفاع أسعار أطباق الأجبان الأوروبية المستوردة إلى المليون والمليونَي ليرة، أي ما يقارب الـ5 أضعاف عن السنة الماضية. التجار استوردوا بضاعتهم على سعر الصرف في السوق الموازية، ما عكس ارتفاعاً هائلاً في الأسعار. أما في ما يتعلّق بـ«حبشة العيد»، فقد عدل علم عن بيعها لأن لا قدرة له على شرائها من المصدر. ولكن في حال طلبها زبون منه سيحاول شراء «حبشة» من سوبرماركت أخرى لتلبيته فقط.

في المقابل، استسلم البعض الآخر من العاملين في المجال نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والمصاريف. ويقول أنور سلامة، صاحب أحد المطاعم، إنّه لن يعمل هذا العام في تحضير أكل العيد كـ«الحبشة» وغيرها من الأطباق التقليدية طالما أن أعداد طلبات البيع ليست كبيرة نتيجة تراجع القدرة الشرائية لدى زبائنه وأبناء منطقته، مشيراً إلى أنّه «لكي يكون بيع الحبشة مربحاً هذا العام يجب طهو 10 حبشات معاً على الأقل للتعويض عن التكاليف الناتجة من الغاز واشتراك المولّد مقابل قلة الطلب عليها».

المواطنة إيلين دياب، نموذج عن أصحاب الدخل المحدود، تعلن، من جهتها، طيّ زمن «الحبشة» والكحول والأجبان الأوروبية قائلة إنّها كانت تنفق «أكثر من مليون ليرة تقريباً على المأكولات في السنوات الماضية فيما فقد هذا المبلغ قيمته. وسنستبدلها بمأكولات أخرى مجهّزة في المنزل».