أجبرت أزمة الكهرباء ربّات البيوت وأصحاب المطاعم و المحالّ، على التخلّي جزئياً عن تقنية تبريد الخُضر والفواكه. أما الحل، فهو باسترجاع العادات القديمة في التجفيف.
اختار أحمد ياسين تقنية التجفيف الشمسيّة التقليدية، التي تعتمد على حرارةٍ عاليةٍ ورطوبةٍ خفيفة: «عدنا إلى التراث، إلى ما قبل ظهور الثلّاجات، عندما كان الأجداد يعتمدون على عملية التجفيف في الشتاء الطويل حين ترتفع أسعار الخضروات لندرتها».

وعملية التجفيف التقليدية لا تحتاج إلى معرفةٍ مسبقة في مجال الزراعة. في السّياق، يؤكّد ياسين: «تُقطّع الخضار وتفرّغ من الداخل، وتوضع على طبق ويُرش عليها الملح من الداخل. ثمّ توضع في الشمس إلى أن تجفّ. ويُفضّل أن تكون درجات الحرارة مرتفعة جداً». ويتابع: «تتراوح مدة التجفيف من 3 أيام إلى أسبوع، حسب نوعية الخضار وأصنافها، ثم تُحفظ الخضار المجففة في أكياس من القماش الجافة، في مكانٍ لا تصل إليه الشمس، ويصل إليه الهواء. كما بالإمكان وضعهم في مرطبانات زجاجية جافة مُحكمة الغلق، أو في كرتونة مغلقة».

(الأخبار)

أما حسين الزين، فيقوم منذ 3 سنوات بتجفيف محاصيله الزراعية، للتموين طوال السنة. ويعتمد حالياً في تخزين الخضار على الطريقة الحديثة، باستخدام آلة كهربائية: «الطريقة سهلة ولا تتطلب وقتاً طويلاً، ولكن المشكلة أن سعرها مكلف بالدولار».

كذلك، يؤكد الزين أن «كل صنف بحاجة إلى عملية معالجة معينة قبل تجفيفه. بعدها توضع الخضار في آلة التجفيف لساعات، تدوم حسب نوع الخضار أو الفاكهة. وتنتهي العملية أخيراً بوضع الخضروات في مرطبانات أو أكياس مخصّصة، من دون الحاجة إلى ثلّاجة أو حرارة معينة، لتُستخدم بعدها في الطبخ طوال السنة».

وفي ظلّ أزمة الكهرباء والمازوت، ستلجأ أغلبية الناس إلى هذا الأسلوب، وستصبح ثقافة شعب في المرحلة المقبلة. و«يتوجّب أولاً وضع برنامج حكومي لتدريب القطاع الزراعي، للاستفادة من الخضروات التي تُتلف في مواسمها وتجفيفها، بدلاً من أن تكسد»، على حدّ تعبير الزين.

غير أن البعض لم ينتظر الخطة الشاملة. ففي مبادرة فردية، ابتكر محمد بدر الدين آلة تجفيف جديدة، بوزن وسعر مناسبين، تعمل على الطاقة الشمسية من دون الحاجة إلى الشمس مباشرة أو الطاقة الكهربائية.

ولم يكن لدى محمد أي اهتمام من قبل في مجال التجفيف. إلا أن الأوضاع الراهنة في البلاد دفعته باتجاه هذا المجال. وهو يؤكد: «مع بداية الأزمة المعيشية في لبنان وارتفاع الأسعار، لاحظت أن كل المنتوجات في لبنان مستوردة من الخارج، على الرغم من أننا نملكها محلياً، لذا قررت القيام بهذا الابتكار لتجفيف الخضار والفاكهة في لبنان».

أما الهدف من هذه الآلة، بحسب محمد ، فهو «دعم المزارعين وضمان الحفاظ على محاصيلهم الزراعية طوال السنة بطريقةٍ صحية من ناحية، والسماح لأي شخص بالاستفادة من منتوجاته الزراعية وتجفيفها من ناحية أخرى. إذ تتميز هذه الطريقة بالسهولة، حيث تكون بديلاً عن عملية التجفيف التقليدية، التي تستغرق أياماً كثيرة، وعن الآلات الكهربائية الحديثة باهظة الثمن». وفي هذه الأثناء، ينتظر الدعم لإطلاق مشروعه في الأسواق، ودعم الإنتاج المحلّي.