شَرَقَت أزمة البنزين الزحمة من شوارع طرابلس، لتتمركز أمام محطات الوقود والمداخل المؤدية لها.
في ساحة التّل وسط المدينة بدت الشوارع المؤدّية إليها خالية كليّاً من السيارات، كما أن مواقف السيارات العمومية التي تقلّ الركاب إلى مناطق وأحياء طرابلس المختلفة وحتى إلى مناطق أخرى جوارها، مثل زغرتا والكورة والمنية والضنية وحتى عكار، بالكاد تواجد في كلّ منها سيارات أجرة، لم يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة.

هذا المشهد غير المألوف في مدينة تشهد عادةً ازدحاماً وفوضى كبيرة في حركة السير فيها، يدفع البعض إلى الاستغراب للوهلة الأولى: «أين السيارات؟»، قاصداً سيارات الأجرة للوصول إلى عمله، ليأتيه الجواب من أحد الأشخاص، بالاكتفاء بإشارة من يده باتجاه جنوب المدينة: «عند محطة مكّية يتزودون بالبنزين».



طوابير السيارات والباصات والدراجات النارية التي امتدت لمئات الأمتار أمام المحطة المجاورة لسرايا طرابلس، تُعبّر عن واقع الأزمة. فقد دفع فقدان مادة البنزين بأصحاب مئات السيارات إلى ركنها.

ومن هؤلاء، محمد الجمل، الموظف في إحدى شركات القطاع الخاص في المدينة، الذي توقّف عن استخدام سيارته نهائياً، منذ أكثر من شهر ونصف. «فضّلت الوصول إلى عملي مشياً أو استخدام سيارة أجرة»، يقول لـ«الأخبار».

الوطأة أشد على من يعتاش من سيارته. سائقو الأجرة الذين يعملون على خطوط نقل الركاب في طرابلس وجوارها، لم يتردّدوا في رفع تسعيرة الراكب من ألف ليرة إلى ما بين 3 و5 آلاف ليرة للراكب من التّل إلى القبة وأبي سمراء والميناء وباب التبّانة والبحصاص والضّم والفرز وغيرها. وما بين 5 إلى 10 آلاف ليرة، إلى مناطق الجوار.

هذا الارتفاع لا يردُّه محمود المير، السائق الذي يعمل على خط التل ـــ القبة إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين فقط، إنما إلى «عدم وجود البنزين أصلاً إلا بالقطّارة». ويقول المير لـ«الأخبار» إن ملء خزان السيارة بالبنزين «أصبح حُلماً ومعجزة هذه الأيام»، موضحاً أنه يُضطر بعض الأحيان للذهاب إلى أكثر من محطة، والانتظار ساعات طويلة من أجل الحصول على نصف «تنكة». «نحن مضطرون لذلك، وإلّا لن نأكل نحن وعائلاتنا، إذا لم نعمل»، يختم المير.