يواصل فيروس «كورونا» المستجد انتشاره السريع والواسع في الولايات المتحدة الأميركية، ليتجاوز عدد الإصابات عتبة الـ100 ألف إصابة، وأكثر من 1500 وفاة، غداة تحوّل تلك البلاد إلى بؤرة الانتشار الأولى في العالم، متخطّية الصين وإيطاليا. مع ذلك، شهدت واشنطن، أمس، حدثين طغيا، بشكل غير مباشر، على الارتفاع المطّرد في عدد الإصابات والوفيات، وهما: الاتصال الهاتفي بين الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ودعوة الأول إلى اتحاد واشنطن وبكين، لمكافحة الوباء؛ وموافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون حزمة الإنقاذ الاقتصادية التي تصل إلى ألفي مليار دولار، والتي كان مجلس الشيوخ قد أقرّها، أول من أمس.شي جينبينغ أكد، خلال المكالمة الهاتفية مع ترامب، أنه يجب على بلديهما، رغم خصومتهما، «الاتحاد لمكافحة» وباء «كوفيد 19»، مشيراً إلى أنّ «الصين مستعدة لمواصلة تبادل المعلومات والخبرات مع الولايات المتحدة بدون تحفظ».
إعلان يحمل الكثير من المعاني السياسية، ويشكّل بادرة تهدئة، بعد أيام من تبادل الاتهامات بين واشنطن وبكين، حول المسألة. ووفق قناة «سي سي تي في» العامة، أعلن شي أنّ العلاقات بين بكين وواشنطن، باتت «في لحظة حاسمة بشكل خاص»، مضيفاً أنّ التعاون «هو القرار الصحيح» في هذا الوقت. وقال إن المقاطعات والمدن والشركات الصينية، قد سلّمت بالفعل معدات طبية للولايات المتحدة. وأضاف: «آمل أن يقوم الطرف الأميركي بتحركات ملموسة بهدف تحسين العلاقات الثنائية».
من جهته، صرّح ترامب، في تغريدة على موقع «تويتر»، بأنه ناقش مع نظيره الصيني «بتفصيل كبير» تفشي فيروس «كورونا». وقال: «لقد مرّت الصين بالكثير، وأصبحت على دراية كبيرة بالفيروس... نحن نعمل معاً بشكل وثيق».
وكان ترامب قد اتهم السلطات الصينية، مراراً في وقت سابق، بأنّها أخّرت الإعلان عن معطيات مهمة متعلّقة بمدى خطورة فيروس «كورونا» المستجد، الذي كان من الممكن بحسب الرئيس الأميركي منع تفشيه. ويكرر هو ووزير خارجيته مايك بومبيو استخدام عبارة «الفيروس الصيني»، ما يثير غضب بكين.
ترامب: لقد مرّت الصين بالكثير وأصبحت على دراية بالفيروس ... نحن نعمل معاً بشكل وثيق


كذلك، كانت بكين قد اتهمت الرئيس الأميركي بأنه «يتهرّب من مسؤولياته»، فيما أعلنت وزارة خارجيتها، غير مرة، أن الجيش الأميركي قد يكون وراء تفشّي الفيروس.
في غضون ذلك، وبالرغم ممّا تقدّم، يواصل ترامب التقليل من أهمية الأزمة الوطنية المتصاعدة. وفي تقييمات تتعارض مع واقع مسيرة الفيروس القاتلة، حوّل ترامب، بشكل غريب، التركيز على ما قال إنه معدل وفيات أقلّ بكثير ممّا كان متوقعاً. وتكفي الإشارة في هذا المجال، إلى أنّه قبل أسبوع، كان هناك ما مجموعه 8،800 إصابة مؤكدة في الولايات المتحدة، و149 حالة وفاة، بينما وصل هذا الرقم، أمس، إلى أكثر من 100 ألف إصابة، مع أكثر من 1500 حالة وفاة.
وبالرغم من أنّ الوضع يزداد سوءاً، وأنّ الحياة الطبيعية قد تكون على بعد أسابيع أو أشهر، أعرب ترامب في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، عن أمله في ألا يستمر الكابوس «لفترة أطول». ثمّ انتقل، في وقت لاحق، إلى شبكة «فوكس نيوز»، حيث وبّخ حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو لقوله إنّ ولايته بحاجة إلى 30 ألف جهاز تنفّس إضافي للتعامل مع موجة فيروس «كورونا»، موحياً بذلك بأنّ كومو كان يطلب آلات لا يحتاج إليها.
ترافق ذلك، مع تكرار ترامب دعواته لعودة الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها قريباً، مُعلناً أنه سيصدر تخفيفاً للقيود خلال الأسبوع المقبل، الأمر الذي انتقده حكّام الولايات في اتصال معه، وهو ما أعرب الخبراء الطبيون عن خشية من أنّ يؤدي إلى انتشار الوباء في المناطق حيث لا يوجد اختراق قوي له، ما يمكن أن يبدّد النجاح الذي تحقق حتى الآن في منعه من الانتشار على نطاق أوسع. يأتي ذلك فيما يرى كثيرون أنّ نهج ترامب هذا، غير منطقي، ولا يمكن تبنّيه، باعتبار أنه لم يتم إجراء اختبارات كافية في جميع أنحاء البلاد، مشيرين في هذا السياق إلى أنّ الأشخاص سيكون بإمكانهم السفر من المناطق الأكثر تضرراً، بسهولة، إلى مناطق خالية نسبياً. وبالفعل، بدأت تتكشّف كارثة أخرى في نيو أورليانز، بينما انزلقت كاليفورنيا في مشاكل أسوأ، وبدا أن بؤراً ساخنة جديدة تظهر في شيكاغو وديترويت.
بالرغم من ذلك، كتب ترامب - الذي يبدو غير صبور على قراراته الخاصة - إلى حكام الولايات، يُطلعهم على التوجيهات الجديدة المقبلة، بناءً على التوزيع الجغرافي للمخاطر. ووفق شبكة «سي ان ان»، يخطط هذا الأخير لتحديد مقاطعات «عالية المخاطر، ومتوسطة المخاطر، ومنخفضة المخاطر»، حيث تكون التدابير «مختلفة ومناسبة».