ليل الجمعة الفائت، كانت المرة الأولى التي «يُحلّق» فيها المنحنى الوبائي الخاص بالأعداد اليومية للإصابات بفيروس كورونا. حينها، ارتفع المعدّل من 14 إلى 67 إصابة في اليوم الواحد قبل أن «يهبط» الأحد الماضي ويستقرّ على معدّل يقلّ عن العشرين إصابة. إلا أن المنحنى عاد لـ«يشمخ» مجدداً، أمس، بعد تسجيل 37 إصابة دفعة واحدة، ليُقفل عدّاد «كورونا» على 304 إصابات سُجّلت منذ 21 شباط الماضي، شُفي منها ثماني حالات وتوفي أربعة أفراد، ليستقر العدد الإجمالي للمُصابين، حتى ليل أمس، عند 292، وفق الموقع الإلكتروني الخاص بالفيروس التابع لوزارة الإعلام.هذه الأرقام غير صادمة لكثيرين من المعنيين الذين توقعوا ارتفاعاً مُستمراً للإصابات نتيجة زيادة القدرة على إجراء الفحوصات المخبرية، وهم، بالتالي، يتوقعون تسجيل المزيد من الإصابات ومواصلة ارتفاع العدّاد مع تجهيز المُستشفيات الحكومية في المناطق وتأهيلها لإجراء الفحوصات وتوسيع مروحة المُشتبه فيهم، وخصوصاً في المناطق التي تشهد «تمرّداً» على مقررات التعبئة العامة. ورغم الأجواء الإيجابية التي أوحى بها وزير الصحة العامة حمد حسن قبل يومين بشأن استمرار الأمور تحت السيطرة، إلّا أن استقرار أعداد الإصابات وضبط انتشار الفيروس سيبقى رهن نتائج الفحوصات المخبرية التي سيتم إجراؤها في المناطق حيث يخضع 773 شخصاً للحجر يتوزعون على مختلف المحافظات، وفق تقرير «غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث» الصادر، أمس، لافتاً إلى إجراء 5285 فحصاً مخبرياً حتى الآن. وما يُعزّز حساسية الوضع، أيضاً، استمرار ارتفاع أعداد الإصابات المجهولة المصدر (غير مخالطين ولم يسافروا الى بلدان تشهد انتشاراً للوباء)، والتي وصلت أمس إلى 53 حالة! واللافت ارتفاع الإصابات في منطقة المتن الى 51 حالة، وهو ما يوازي أعداد المُصابين في بيروت، تليها كسروان (42)، فبعبدا (30).
أمام هذه الوقائع التي تشي حكماً بتمديد فترة التعبئة العامة وفق مصادر في وزارة الصحة، تتجلّى أهمية الالتزام بالحجر المنزلي وبتدابير التعبئة العامة، بوصفها الوسيلة الوحيدة للسيطرة على الوباء، ذلك أن نتائج إعلان التعبئة العامة منذ عشرة أيام ستظهر في الأيام المُقبلة، عندما تكون القدرة على إجراء الفحوصات قد تعززت أكثر فأكثر.
ولئن كان الالتزام بتدابير الحجر والوقاية يُمثّل هاجس السلطة الأول حالياً، فإنّها مُلزمة في الوقت نفسه بتزويد اللبنانيين، وخصوصاً الفئات الأكثر هشاشة، بما يُمكّنهم من البقاء في بيوتهم بشكل يتخطّى «التكافل الاجتماعي» و«تقاسم رغيف الخبز»، وفق ما قالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس، فيما كان أحد سائقي الأجرة يضرم النار في سيارته بعد تلقيه ضبطاً لمخالفته قرارات التعبئة. فيما لا تزال الحكومة تبحث في آلية لتقديم مساعدات وفي كيفية توزيعها، في ظلّ غياب «الداتا» الدقيقة بشأن الأُسر الأكثر فقراً والعمال المُياومين والفئات المُتضررة.
ارتفعت الإصابات في المتن لتصل إلى 51 حالة، ما يوازي أعداد المُصابين في بيروت


وإلى حين بتّ تلك الآلية، رمت الحكومة كرة المُساعدات في ملعب البلديات والسلطات المحلية، إذ أقرّت أمس مشروع قانون يرمي إلى تعليق بعض مواد موازنة 2020 «بما يسمح للبلديات والمصالح المُستقلة بأن تنفق أو تساهم لأي جهة عامة أو خاصة، على أن تكون هذه المُساعدات لتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية لمواجهة وباء كورونا»، علماً بأن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي أصدر، أول من أمس، قراراً طلب فيه من البلديات واتحادات البلديات تقديم المساعدات لذوي الحاجة وللعائلات الأكثر فقراً «التي تضررت نتيجة الإجراءات المتخذة لمنع تفشي الفيروس».
وبمعزل عن صعوبة المهمة على البلديات التي لا تزال تنتظر أموالها المُستحقة من الصندوق البلدي المُستقلّ منذ عام 2018، فإنّ خيار المُساعدات الغذائية في ظل الظروف الراهنة ليس الحل الأمثل في ظلّ أزمة اقتصادية ونقدية تعصف بالبلاد منذ خمسة أشهر، فيما المطلوب اتخاذ إجراءات بنيوية ضمن خطة ورؤية اقتصادية شاملة.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي قد دعا، أمس، إلى تقديم مُساعدات مالية مُباشرة للأُسر الأكثر فقراً لمُساعدتها على تجاوز الأزمات الراهنة، «على أن يكون المبلغ المُقترح لكل منها 500 ألف ليرة شهرياً على شكل بطاقة تموينية أو نقداً ولمدة ثلاثة أشهر (...)».



93% من المُصابين لبنانيون
بحسب أرقام تقرير الغرفة الوطنية لإدارة الكوارث، من أصل 304 حالات إصابة بفيروس كورونا المُستجد، هناك 281 مصاباً من الجنسية اللبنانية، أي 93%. أما الـ7% فتتوزع بين مُصابين من النمسا (حالة واحدة)، بنغلادش (2)، مصر (3)، إنكلترا (1)، إثيوبيا (2)، فرنسا (1)، إيران (2)، العراق (1)، هولندا (2)، قطر (1)، السعودية (1)، السودان (2)، توغو (1) وسوريا (3).