يخطط مالكو عقارات دالية- الروشة لاقامة منتجع سياحي خاص يتخطّى عامل الإستثمار المحدد للمنطقة، ساعين الى استصدار مرسوم استثنائي شبيه بالمرسوم الذي صدر عام 1989 لاقامة منتجع الموفمبيك. الا ان «الحملة الأهلية للدفاع عن دالية- الروشة» تحاول حشد «معارضة» لهذا المشروع عبر طرح بدائل مغايرة على السلطات، ومنها وزارة البيئة التي رعت مسابقة اطلقتها الحملة في اذار الماضي تحت عنوان «الف دالية ودالية» لطرح رؤى مستقبلية لموقع الدالية واستعمالاته.
أمس، في القاعة الخضراء في وزارة البيئة، أعلنت الحملة فوز ثلاثة مشاريع مقترحة في المسابقة الهادفة لطرح تصورات تحفظ هذا الموقع كمجال عام ومفتوح وكمساحة طبيعية وبيئية. عدد الفرق التي سجلت مشاركتها وتعرفت على الدالية عن كثب كان 54 فريقا، عشرون فريقا قدّموا اقتراحاتهم واستكملوا مشاركتهم. اختارت هيئة التحكيم التي يرأسها المهندس المعماري والعضو في لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو جاد تابت، سبعة مشاريع الى المرحلة النهائية. واختارت اللجنة المؤلفة من مجموعة من الاستشاريين في مجالات الجيولوجيا، علم البيئة البحرية، وعلم الآثار 3 مشاريع فازت بأغلبية الأصوات، وهي:
الملاذ الأخير: عامر نبيل مهتار، حياة جبارة، ساندي السبسبي.
دالية n: فادي منصور، كانديس نعيم، ليا الحلو، علي أسعد، رولا خوري، وscapeworks.
ليس عن الدالية فقط: أديب الدادا، ريا التويني، رين شهيب، ياسمينا شويري، ومي خليفة.
يقول استاذ الهندسة المعمارية في جامعة ولاية أيوا وعضو لجنة التحكيم مروان غندور ان المعيار الأساسي الذي استندت اليه لجنة التحكيم لاعلان اسماء المشاريع الفائزة هو «القدرة على إقامة التوازن بين امكانية فتح المجال امام الاستعمالات الاجتماعية الحرة ومراعاة حساسية الموقع البيئية والطبيعية».
تأتي هذه المشاريع كرد على ما يخطط للمنطقة، اذ يسعى مالكو العقارات الى رفع عامل الاستثمار الى 60% سطحيا و100% عامّا، من أجل اقامة مراكز تسوّق ومساكن خاصة فخمة وفنادق ومرسى يخوت ومواقف سيارات، فيما يقضي القانون الحالي بمنع البناء بأي شكل في قسم من منطقة الدالية، ويسمح بالبناء بعامل استثمار ضئيل (15% استثمارا سطحيا و20% عامّا) في قسم آخر من المنطقة.
المشاريع الثلاثة الفائزة لا تتشارك في «اقامة التوازن» فحسب، بل تتشارك في تأكيدها على إبقاء الدالية مساحة مشتركة وعامة تجمع أبناء المدينة، وتحافظ على ذاكرتها وتاريخها وتراثها، وفي ما يلي نبذة عن كل مشروع من المشاريع الفائزة:

The last resort (الملاذ الأخير)

هو الاسم الذي اطلقته مجموعة من طلاب الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية على مشروعها، «في اللغة الإنكليزية، قد يفهم الـ resort على انه منتجع او انه ملاذ، ونحن أردنا في مشروعنا التأكيد على وجود الدالية كملاذ أخير للمدينة الهاربة من اختناق الاسمنت فيها لا كمنتجع اضافي يخنق واجهتها البحرية»، هكذا يستهل عامر المهتار، أحد الطلاب المشاركين في اعداد المشروع. يدل على خط أحمر «يزنّر» الواجهة البحرية للمدينة، تخرقه مساحة منقطعة، ويستكمل الخط مساره. يشرح عامر ان “هذا الخط هو مسار المقاهي والمنتجعات المقامة على طول الواجهة البحرية، المساحة الوحيدة التي تؤمن دخولا حرا ومتاحا للجميع هي فسحة الدالية وهنا علينا ان نطرح تساؤلا هل نريد اغلاقها استكمالا لمسار التزنير ام نريد ان نلوذ بها».
في «الملاذ الاخير»، مراعاة لـ»قدسية» المنطقة البيئية، اقتراحات لمنشآت خشبية صغيرة قابلة للإزالة يستخدمها الصيادون دون المساس بطبيعة المكان، «وبعيدا عن الأساسات والباطون». ماذا عن بلوكات الباطون القائمة؟ يقول عمار «اردنا إبقاءها وتحويلها الى العاب للأطفال، كي تبقى شاهدا على الخطر الذي يتهدد مساحتهم، تماما كمخلفات الحرب»، اضافة الى تحويل البلوكات الى اماكن لهو الاطفال، يقترح المشروع إنشاء منصات خشبية على الصخور لممارسة هواية «الشك»، استكمالا واستمرارا لعادات الشك التي كانت قائمة.

ليس عن الدالية فقط

إبقاء بلوكات الباطون، اقتراح وارد في مشروع «ليس عن الدالية فقط»، يقول أديب الدادا احد المهندسين المشاركين في اعداد المشروع انه جرى تحويل بلوكات الباطون الى اماكن للعب واللهو للاطفال، كي تبقى هذه البلوكات شاهدا على ما كان يخطط لهذه المساحة العامة». وكما تدل تسميته، يهدف المشروع، بحسب الدادا، الى الإضاءة على الساحل «المنتهك»، لافتا الى «استثنائية موقع الدالية الذي يجمع التنوع البحري والبري والإيكولوجي والاجتماعي». يقضي المشروع بتقسيم المنطقة الى ثلاث محميات: محمية بحرية تصان وفق القوانين العالمية، واخرى برية تحافظ على التنوع الإيكولوجي الغني، والمحمية الثالثة هي المساحة المخصصة للاستعمالات الاجتماعية. الأخيرة، بحسب المشروع، ستكون «محمية» من كل القيود التي تحد من الاستعمالات الحرة والمجانية من قبل روّاد المكان على ان «تكون منظمة من قبل البلدية، السلطة المؤتمنة على هذا النوع من المساحات في المدينة (تقوم البلدية حاليا بما هو عكس ذلك كليا، من حماية السياج وغيرها)”. اللافت في هذا المشروع هو اقتراح انشاء مركز للدراسات حول طبيعة هذه الأرض وغناها البيئي وغيرها من الدراسات الجيولوجية الميدانية، تكون بمثابة الملاذ للباحثين اللبنانيين والأجانب طلابا ومهندسين، فيما يجري توسيع الطبقة العليا لمبنى الصيادين لاستقبال اكبر عدد من الرواد للاطلاع على عمل الصيادين على ان تبقى الطبقتان السفليتان مكانا مخصصا للأخيرين.

دالية «ان»

لان الكورنيش يمثل اصدق مفهوم للملك العام بالنسبة لسكان المدينة، اردنا اقحامه في مشروع تصورنا للدالية، فاقتضى المشروع ادخال الكورنيش الى المساحة الخضراء في الدالية، على نحو يجبر المشاة على الدخول الى الدالية «، بحماسة لافتة، تشرح المهندسة الشابة ليا الحلو مشروعها الفائز بالمسابقة الذي أعدته بمشاركة مجموعة من زملائها. تقول الحلو ان «ادخال الاستعمالات الى المنطقة أمر جدا ضروري»، لافتة الى المساحة الحرة التي ستحل مكان البلوكات القائمة، والتي ستكون مخصصة «كي يستخدمها الناس وفق ما يرغون». المشروع يقضي ايضا باحداث «خرق» من جهة فندق «الموفنمبيك»، بحيث تهيّأ طريق «سالكة» نحو الشاطئ وعملا بمبدأ «الولوج الحر نحو الشاطئ»، اضافة الى الاهتمام بالمساحات الخضراء الموجودة، يقضي المشروع بـ»إعادة احياء البحر نفسه» عبر «زراعة المرجان لتنظيف المياه والحفاظ عليها» وفق ما تؤكد الحلو.
يُذكر أن عددا من هذه المشاركات ستعرض في ألت سيتي، شارع الحمرا، الخميس المقبل وستبقى لغاية 12 حزيران
وستنشر على الموقع الالكتروني للحملة، كما تنشر في مطبوعة عن المناصرة من اجل قضية الدالية.
ختمت الحملة، بمطالبتها بالانطلاق بهذه الاقتراحات نحو «حواري جدي مع السلطات المعنية من اجل الحفاظ على المساحات العامة في المدينة».