strong> سحر ناصر
  • الدعم الزراعي يعود بالفائدة على الاقتصاد عموماً


  • هناك دول تستعمل الغذاء أداة ضغط على الشعوب


  • لا يخفي ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
    (الفاو) في لبنان الدكتور علي مومن خلال حديثه لـ«الأخبار» حماسته لإطلاق برنامج مساعدة مزارعي الجنوب للعودة إلى حقولهم في أيلول المقبل. لكن سرعان ما تنطفئ حماسته إثر سؤالنا عن سياسة الحكومة الزراعية، فيتجنّب الدخول في تفاصيلها، ويكتفي بدعوته رجال القرار إلى الاهتمام بالقطاع الزراعي واعتماد سياسة زراعية بنيوية


    «بالطبع، أنا مع دعم الزراعة، فالدعم حاجة أساسية تعود بالفائدة على مجمل الاقتصاد اللبناني»... بهذه النبرة العالية، يتحدث ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في لبنان الدكتور علي مومن عن واقع القطاع الزراعي هنا، فهو يجزم بأن النقص في الاهتمام، وغياب تمويل المشاريع، وعدم دعم المزارعين بالقروض المدعومة، وغياب الضمانات الاجتماعية اللازمة للمزارعين... كلها عوامل تضع لبنان في تيار معاكس لوجهة العالم اليوم.
    ويقول مومن (الخبير الآتي من الجزائر) إن الدولة التي لا تقتنع بالفائدة المالية للزراعة سوف تبقى تسير في اتجاه قطاع الخدمات، على الرغم من أن جميع الدول التي تبغي النتائج الاقتصادية السليمة تعتمد على الزراعة... «لكن المعنيين في لبنان لا يولون القطاع الزراعي الاهتمام الكافي، نظراً لعدم توافر المعلومات لديهم عن أهمية هذا القطاع بالنسبة للبنان».
    وهنا نص الحديث:

    مضمون برنامج الفاو

  • تطلق «الفاو» خلال شهر أيلول المقبل برنامجاً لمساعدة مزارعي الجنوب على العودة الى الحقول، فماذا يتضمن هذا البرنامج
  • ؟
    ــ يكمن الدور الأساسي للبرنامج الذي سيصار إلى إطلاقه في الجنوب، بالتعاون مع وزارة الزراعة بكلفة 3.3 ملايين دولار، في استئناف أنشطة البستنة وإنتاج الثروة الحيوانية في المناطق المتضررة من القنابل العنقودية. وسيعمل على تقديم المساعدات العينية لمزارعي الفاكهة والخضر من خلال توزيع الأسمدة والبذور، وإعادة تأهيل هياكل الدفئية الزراعية. كذلك يتكفل البرنامج بمساعدة مربي الماشية ممن فقدوا ثروتهم الحيوانية بغية إعادة تكوين قطعانهم.

  • هل المساعدة تندرج في إطار الهبات أم القروض
  • ؟
    ـــــ يتلقى البرنامج التمويل من صندوق الأمم المتحدة لمساعدة لبنان. والمساعدة هي هبة عينية مباشرة مقدمة من الفاو للمزارعين، تشمل المواد العضوية والمعدات التقنية اللازمة، بالإضافة الى إرشادهم في استخدام الهبة بطريقة عقلانية، خصوصاً أن الجنوب عانى الكثير من حرب تموز.

  • ما هي الإحصاءات التي استُند إليها لرصد هذا المبلغ
  • ؟
    ـــــ كان ضرورياً وقبل أي شيء، إجراء عملية الإحصاء في الميدان، لذا قامت بعثة الفاو في لبنان بزيارة العديد من المناطق المتضررة، والاحتكاك مباشرة مع المزارعين لمعرفة احتياجاتهم. وأنهت البعثة مهمتها الأخيرة في 21 تموز الماضي. كذلك تمت الاستعانة بالإحصاءات التي وردت في تقرير بعثة الفاو في تشرين الثاني 2006. إلا أن القضية لا تنحصر في سقف المبالغ المالية، لأن هدفنا هو أن يتمكن المزارع من معاودة نشاطه.

    القنابل تعوق العودة

  • كيف يستطيع المزارعون ممارسة نشاطهم في أمان، في ظلّ انتشار القنابل العنقودية في الأراضي الزراعية جنوباً
  • ؟
    ـــــ بالفعل يعجز العديد من المزارعين عن العودة الى حقولهم، بسبب انتشار ما يقدر بأكثر من مليون قنبلة عنقودية إسرائيلية غير منفجرة. إلا أنه تم التقاط نحو 10 في المئة منها في الحقول. وطبعاً هذا لا يكفي لتأمين أمن المزارع وتحقيق العودة الى حقله.

  • ماذا عن دور الفاو في الضغط على اسرائيل للحصول على خرائط القنابل في الحقول
  • ؟
    ـــــ الفاو لها طابع خاص، وهو الاهتمام بالموارد الزراعية. فهذا لا يدخل في مهماتنا مباشرة، لكننا على تواصل دائم مع مركز الأمم المتحدة لتنسيق مكافحة الألغام في الجنوب. فضلاً عن مواكبتنا لدور المنظمات العالمية في هذا المجال، وهو ما يسهل مهمتنا على الرغم من صعوبة ذلك في ظل وجود هذه القنابل.

    التعويضات لا تكفي

  • كيف برأيكم يستطيع المزارع أن يستأنف نشاطه من دون الدعم المالي الذي يعوّض خسارته
  • أليس للفاو دور في التنسيق مع الجهات المانحة لحثّ الحكومة على صرف التعويضات للمزارعين
  • ؟
    ـــــ دور المنظمة هو مساعدة المزارعين على استعادة نشاطهم، وهذا ممكن حالياً. خصوصا أن هناك العديد من البلدان التي تبدي حماستها للمشاركة المالية في مساندة المزارعين اللبنانيين.

  • أي دول
  • ؟
    ـــــ بعض الدول الأوروبية والعربية، بالإضافة الى المنظمات والمؤسسات المالية. وهذه تعدّ رسالة مهمة الى المزارع كي يعاود نشاطه، لأن إمكانات الإنتاج الزراعي في لبنان متوافرة، وعلى مستوى معروف عالمياً.

    لبنان يملك إمكانات النهوض

  • كيف تقرأون واقع القطاع الزراعي في لبنان بعد عدوان تموز الماضي
  • ؟
    ـــــ لقد تسببت حرب تموز بأضرار قدرت بـ280 مليون دولار أميركي، وأصيب الجنوب بأضرار جمّة حيث كانت الزراعة تمثّل نحو 70 في المئة من اجمالي دخل 50.000 أسرة. كذلك العديد من المزارعين اصبحوا مثقلين بالديون لأنهم كانوا يعتمدون على موسم الحصاد لتسديد ديونهم، بالإضافة الى الأضرار غير المباشرة التي تتعلق بفقدان الأسواق وفرص العمل. وتقدر خسارة إجمالي المحاصيل بـ151.578 مليون دولار.

  • ما هي برأيكم المتطلبات الأساسية التي يحتاج لها القطاع الزراعي للنهوض ثانية
  • ؟
    ـــــ الانطلاقة تكون في استئناف النشاط الزراعي في الجنوب، وهذا ما نعمل عليه حالياً مع الخبراء والجهات المعنية من خلال إطلاق البرنامج. ونحن في صدد الإعداد لبرنامج مماثل يبحث في كيفية مساندة مزارعي الشمال بعد الانتهاء من حصر الأضرار عقب انتهاء الأعمال العسكرية في مخيم نهر البارد.

  • هل تعتقد أن الإمكانات اللازمة للنهوض بهذا القطاع والمنافسة متوافرة للبنان
  • ؟
    ـــــ بالطبع، لبنان يملك إمكانات بشرية، من مزارعين وخبراء يسيرون على خطى الخبراء الأوروبيين، بالإضافة الى امتلاكه للثروة المائية. فالدول العربية الأخرى تملك الإمكانات المادية، لكنها تفتقر الى الطاقات البشرية والمائية لدعم سياستها الزراعية. إلا أن الانتاج الحيواني في لبنان غير كاف على الرغم من قدرة لبنان على تنظيم هذا القطاع.

  • هل يستغل لبنان بنظركم الثروة المائية بشكل سليم
  • ؟
    ـــــ هذه قضية أخرى، فما يدعم لبنان هو الإمكانات المائية التي يملكها، إلاّ أنه لا بد من تحسين السياسات المائية لاستخدام الثروة بطريقة عقلانية.

  • ممّن
  • ؟
    كل المعنيين بالأمر ولا سيما لتأمين الأمن الغذائي. فالزراعة هي أساس التحرر السياسي خصوصاً في ظل العولمة.

    الأمن الغذائي ضرورة

  • كيف للبنان أن يصل الى الأمن الغذائي وهو يعتمد على الواردات من القمح والسكر والحبوب
  • ؟
    ـــــ هنا يبرز هدف الفاو في إسداء المشورة بشأن السياسات الزراعية، وأعمال التخطيط والهياكل الإدارية والقانونية اللازمة للتنمية. فهدفنا هو كيف يصل لبنان الى اقتصاد زراعي قادر على تأمين الأمن الغذائي، خصوصاً في ظل الحروب، وارتفاع أسعار الحبوب والحليب والقمح عالمياً.

  • هل سياسة لبنان الزراعية تسير على طريق الامن الغذائي
  • ؟
    ـــــ يقع الامر على عاتق رجال القرار في الدولة اللبنانية،الى جانب دور الصحافة والمزارع. فالفاو توجد هامش التشاور لكن الحكومة اللبنانية تتخذ القرار.

    الزراعة اللبنانية تفتقر إلى التنظيم

  • كيف يجري التواصل مع المزارعين اللبنانيين من جانبكم
  • ؟
    ـــــ هذه نقطة اساسية، فعدم وجود غرفة للزراعة قائمة بذاتها ومستقلة لا ينسجم مع المتطلبات اللازمة لتنمية القطاع الزراعي. ونحن نحبذ وجود تنظيم خاص بالمزارعين لتنظيم النشاطات الزراعية مثلما هو معمول به عالمياً.

  • على ماذا يدل برأيكم عدم استقلالية غرفة الزراعة عن التجارة والصناعة
  • ؟
    ـــــ أعتقد أن هناك نقصاً في الاهتمام بالقطاع الزراعي في لبنان، إن كان من ناحية تمويل المشاريع ودعم المزارعين بالقروض المدعومة، وهنا يلاحظ عدم اهتمام المصارف بالقطاع الزراعي، فضلاً عن غياب الضمانات الاجتماعية اللازمة للمزارعين، عكس ما هو معتمد في كل دول العالم.

  • ما الذي يعوق تنظيم القطاع الزراعي في لبنان
  • ؟
    ـــــ حالة عدم الاستقرار التي بدأ لبنان يعيشها منذ عام 2005، بالإضافة الى أن الدولة التي لا تقتنع بالفائدة المالية للزراعة سوف تبقى تسير في اتجاه قطاع الخدمات، على الرغم من أن كل الدول التي تبغي النتائج الاقتصادية السليمة تعتمد على الزراعة.
    لكن المعنيين في لبنان لا يولون القطاع الزراعي الاهتمام الكافي، نظراً لعدم توافر المعلومات لديهم عن أهمية هذا القطاع بالنسبة للبنان.

  • أين دور وزارة الزراعة في ذلك
  • ؟
    ـــــ وزارة الزراعة تستطيع أن تؤدي دوراً في هذا التوجه، فالأغنياء في الدول الأوروبية هم من المزارعين لأن الزراعة لاعب مهم في العلاقات الدولية، والدليل هو شعار الفاو هذا العام وهو «الحق في الغذاء».

    حق الغذاء

  • هل يتوافر حق الغذاء للمستهلك اللبناني في ظل ارتفاع اسعار الحليب والحبوب ثلاثة أضعاف
  • ؟
    ـــــ كلا، وهذه هي حال العديد من شعوب دول العالم، لذا على كل الدول التي تمتلك الإمكانات الزراعية أن تطورها، وعليها ألّا تمول النشاط غير الزراعي بهدف تحقيق أمنها الغذائي تفادياً للوقوع تحت رحمة الدول التي تستعمل الغذاء أداة ضغط على الشعوب الأخرى. فمن الضروري أن يصار الى توزيع الإنتاج بأسعار معقولة.

  • هل أنت مع دعم الإنتاج الزراعي في لبنان
  • ؟
    ـــــ بالطبع، فالدعم حاجة أساسية تعود بالفائدة على الاقتصاد اللبناني.

    الحقل مؤسسة اقتصادية

  • ما هي رسالتك إلى المزارع اللبناني الذي يعاني أوضاعاً معيشية صعبة
  • ؟
    ـــــ النشاط الزراعي هو نشاط اقتصادي، وكل مزارع هو لاعب اقتصادي فاعل يسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني. وأنا أقول له إنه قادر على تنظيم نفسه. وعليه أن يعي أن الحقل يمثل مؤسسة اقتصادية لا يمكن أن تدار من خلال الاعتماد على أفراد العائلة فقط.

  • بماذا تتوجهون إلى رجال القرار
  • ؟
    ـــــ الاهتمام. على الرغم من أولوياتكم التي تقول بأن قطاع الخدمات أولى من الزراعة، فإن القطاع الزراعي في لبنان قادر على منافسة القطاع السياحي في أوجه. عليكم أن تعتمدوا سياسة زراعية بنيوية تدعم الاقتصاد اللبناني.

  • لماذا لا يصار إلى دعوة المزارعين والجمعيات الى مؤتمر تعقده الفاو في لبنان، في محاولة لتحرير القطاع
  • ؟
    ـــــ (يقول باللهجة الجزائرية مبتمساً) انت قلتِ الكلمة، إحنا ما قلناهش، لكنك فهمتِ الموضوع، وانشالله سوف يحصل ذلك قريباً من خلال إطلاق برنامج الجنوب لدعم المزارعين للعودة الى الحقول.