اعلنت لجنة الإدارة والعدل النيابية، يوم الاثنين الماضي، أنها أقرت تعديلات طاولت المواد 7 و12 و18 من قانون الإيجارات الجديد، وهي المواد التي أبطلها المجلس الدستوري. وقال رئيس اللجنة النائب روبير غانم إن "التعديلات تتلاءم وقرار المجلس الدستوري وتحافظ على روحية القانون". وجاء في إعلان اللجنة المفاجئ أن "المسائل الأخرى" المتصلة بمواد القانون، التي لم يبطلها المجلس الدستوري، تُركت الى وقت لاحق.
هذا الإعلان أطاح مفعول التخدير الذي اعتمدته بعض الكتل النيابية بهدف تهدئة المستأجرين القدامى، ودفع بلجان المستأجرين الى الشارع مجدداً اعتباراً من اليوم (الأربعاء)، إذ دعت الى اعتصام عند الخامسة من بعد الظهر، في شارع أسعد الأسعد في الشياح، حيث يوجد عدد كبير من المساكن المؤجّرة قبل تحرير عقود الإيجارات اعتباراً من عام 1993.
وكان نواب من كتل نيابية مختلفة قد تقدّموا باقتراحات قوانين لتعديل "روحية" القانون الجديد نفسه. وهذا ما دفع المستأجرين الى الاطمئنان والركون الى الوعود بأن لا تقتصر التعديلات على ترميم المواد المبطلة المتعلقة بإنشاء لجان تنظر في النزاعات حول بدل المثل. إلا أن ما أعلنته اللجنة النيابية يشي بوجود خدعة، تضاف الى خدعة إقرار القانون في المجلس النيابي، ثم طعن المجلس الدستوري في بعض المواد من دون إبطال القانون. وبعدها إعلان الرئيس نبيه بري عدم نفاذ القانون من دون اتخاذ أي إجراءات نظامية ملزمة تعلّق نفاذه. ولاحقاً، إعلان رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد أن القضاة ليس لديهم مرجع ــ قانون يلجأون إليه لبتّ النزاعات بسبب اتصال الكثير من مواد القانون الجديد بالمواد المبطلة، وبالتالي عدم نفاذ القانون الجديد، وصولاً الى اعتبار بعض القضاة أن القانون نافذ وقيام بعض الشركات العقارية والملاك بتوجيه إنذارات الى المستأجرين على قاعدة أن القانون الجديد نافذ اعتباراً من 28 كانون الأول الماضي.
لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين ولجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين سارعتا الى عقد اجتماع موسع، بحضور لجان المناطق والأحياء، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، وأعلنتا رفضهما لما توصلت إليه اللجنة النيابية، وحذرتا في بيان مشترك من "إعادة تكريس مبدأ اللجان القضائية غير الدستورية، التي أبطلها المجلس الدستوري". واتهم البيان اللجنة النيابية بأنها تصر "على تجاوز مبادئ الدستور والعدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون والاعتداء على صلاحيات القضاء". وجدد المجتمعون "أن الصيغة المقبولة من قبلهم هي القضاء ولا شيء آخر، وهم يرفضون بشكل قاطع كل صيغ اللجان التي تنال من حق التقاضي الدستوري الذي نصت عليه كل القوانين". وشددوا على أنهم لن يقبلوا أي صيغ تجميلية لبعض المواد وفق مقولة تحسين القانون، دون إلغاء طبيعته التهجيرية التي شكلت الأساس لرفضه من قبل المستأجرين قبل إقراره وبعده. وجدد المجتمعون تمسكهم بمشروع الاقتراحات المتكامل للقانون المعد من قبلهم وهم يرفضون أي اقتراح يتعلق بالبدلات الذي يتجاوز قدرات المستأجرين وإمكاناتهم ويشكل تعجيزاً لهم. ودان المجتمعون "المحاولات المتكررة من قبل بعض المالكين لجعل القانون المعطل نافذاً بقوة الأمر الواقع عبر الاستقواء بتصريحات بعض النواب من أعضاء لجنة الإدارة والعدل الذين يمثلون مصالح الشركات العقارية والمصارف، واستغلال الأحكام الصادرة عن بعض القضاة التي أشارت إلى نفاذ القانون، ورأوا في هذه المحاولات إصراراً على تسعير الخلافات والنزاعات مع المستأجرين بشكل خطير، وخصوصاً من خلال توجيه الإنذارات لتنفيذ قانون غير نافذ وغير قابل للتطبيق، كما أعلن رئيس المجلس النيابي". وحمّلوا "أولئك الذين يقدمون على توجيه تلك الإنذارات المسؤولية الكاملة عن نتائجها ومضاعفاتها"، مؤكدين "رفضها جملة وتفصيلا"، ومحذرين من "عواقبها وما ستولده من ردود أفعال".
أضاف البيان "بالاستناد إلى ما ورد، وبالنظر إلى خطورة أداء لجنة الإدارة والعدل وما يشكله من تهديد لحقوق المستأجرين وتجاهل لها، وخاصة من قبل بعض النواب النافذين الذين لا يقيمون وزناً للمستأجرين وحقوقهم، وعلى ضوء الإنذارات التي تبلغها بعض المستأجرين، فقد قرر المجتمعون تنظيم سلسلة من التحركات استنكاراً لتجاهل مطالب المستأجرين والاستهانة بها من قبل بعض النواب ورفضاً للإنذارات غير القانونية ووضع حد لها لأنها تتم بناءً على قانون معطل وغير قابل للتطبيق، وتضامناً مع من وجّهت لهم، وعليه تقرر دعوة المستأجرين إلى المشاركة الواسعة في الاعتصام الذي سينفذ في الشياح ــ شارع أسعد الأسعد، الخامسة بعد ظهر الأربعاء في 4 شباط 2015 وكذلك بالنسبة للاعتصام الذي دعت إليه لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في طرابلس بالقرب من مركز الصليب الأحمر، الخامسة بعد ظهر السبت الواقع فيه 7 شباط 2015، على أن تحدد لاحقاً أمكنة ومواعيد التحركات المقبلة. وفي هذا الإطار، دعا الحضور الهيئات النقابية والديموقراطية كافة لدعم حركة المستأجرين والمشاركة في تحركاتهم دفاعاً عن حق عائلاتهم في السكن وحمايتهم من التهجير والتشريد".

من جهتها، شكرت الهيئة الإدارية في تجمع مالكي الأبنية المؤجرة لجنة الإدارة والعدل على ترميم المادتين 7 و13 والفقرة ب - 4 من المادة 18 وفق توصيات المجلس الدستوري. وطالبت برفع "هذا الإنجاز" إلى رئاسة المجلس النيابي لإدراجه على جدول أعمال الهيئة العامة. وتمنت في بيانها على لجان المستأجرين مصارحة المستأجرين بدخول القانون الجديد حيز التطبيق منذ 28 كانون الأول 2014، والتوقف عن بث ما سمّته "الأضاليل والشائعات" عن رده إلى لجنة الإدارة والعدل أو تعليق العمل به، "ونحمّلهم كامل المسؤولية عن إدخال بعض المستأجرين والمالكين في نزاعات قضائية ستكون مكلفة على الطرفين. ونصحت "المستأجرين المتخلفين لغاية الآن عن تطبيق القانون الجديد للإيجارات بالمبادرة فوراً إلى الاتفاق رضاءً مع المالكين على البدلات الجديدة للإيجار، وبخاصة أنها لن تتعدى الـ 15% من بدلات المثل في العام الأول، ونؤكد لهم أن الفقراء محميون في بنود القانون الجديد، وأن التهرب من التطبيق قد يعرضهم لتكاليف مادية واجتماعية باهظة لا مصلحة لهم فيها، وبخاصة بعدما صدرت أحكام عن قضاة الأمور المستعجلة تتضمن إقراراً واضحاً بدخول القانون الجديد حيز التطبيق. كما نذكرهم بأن شهراً انقضى على نفاذ القانون ولم تحصل حالة تهجير أو تشريد واحدة".

وختم البيان "إن أي دعوة إلى التحرك في الشارع سنعتبرها دعوة ضد المالكين القدامى مباشرة وضد مصلحة الطرفين بالاتفاق والتوافق، وندعو المستأجرين إلى عدم التجاوب معها ووأدها في لحظة إطلاقها، لأنها سعي مكشوف من قبل المستفيدين من الوضع القائم في التجمعات التي تتاجر بقضية المستأجرين إلى بيع مباني المالكين وإخراج المستأجرين منها تحقيقاً لمصالح شخصية وتوخّياً لتحقيق أرباح مادية من قبل مطلقيها"، داعياً "المراجع الأمنية المختصة إلى التنبه لخطورة مثل هذه التحركات المشبوهة، والتي تهدد السلم الأهلي، وتصب في خانة تهديد المصلحة الوطنية العليا".

(الأخبار)