القاهرة | إذا كانت حملة مقاطعة الممثل الكوميدي المصري بيومي فؤاد ذكّرت كثيرين بحملات عنيفة مماثلة انطلقت إبّان ثورة يناير 2011 ضد نجوم هاجموا ثوار ميدان التحرير ودعموا بقاء حسني مبارك في الحكم، فإنّ تلك الحملات لم تشهد وقتها تغيير أفيشات الأفلام تفادياً لتأثيرها السلبي على شباك التذاكر. وهو ما اضطر له أخيراً فريق فيلم «فاصل من اللحظات اللذيذة» (كتابة جورج عزمي وشريف نجيب، إخراج أحمد الجندي) الذي يطرح غداً في الصالات اللبنانية.تغيير أفيشات الشريط الكوميدي، الذي يدور حول زوجَيْن يواجهان عدداً من المشاكل، إلى أن يفتح أمامهما باب يقودهما إلى عوالم موازية، لم يقتصر على منصات التواصل الإجتماعي (تغيير لا يرتّب أي نفقات إضافية) فحسب، بل حتى تلك الموجودة في الشوارع استُبدلت سريعاً، بعدما تجدّدت حملة المقاطعة الشعبية لأفلام فؤاد عقب ظهوره التلفزيوني المخيّب للآمال عبر برنامج «حبر سري» على قناة «القاهرة والناس». حلّ فؤاد ضيفاً على المذيعة أسما إبراهيم في حلقتين متتاليتين في 28 و29 آذار (مارس) الماضي، مخالفاً كلّ التوقعات التي افترضت أنّ ظهوره الأوّل بعد أزمة مسرحية «زواج اصطناعي» يهدف إلى تخفيف حدّة الغضب الجماهيري غير المسبوق الذي انطلق في مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد تداول فيديو خاطب فيه الممثل جمهور «موسم الرياض» مديناً انسحاب زميله محمد سلام من العرض على خلفية «طوفان الأقصى».
في تصريحاته الجديدة، تمسّك بيومي بموقفه، لا بل قدّم مبرّرات إضافية، مؤكداً أنّه انفعل وتكلّم تعاطفاً مع محمد أنور الممثل البديل لسلام الذي تعرّض لحملة انتقادات واسعة، معترفاً بأنّ التعبير خانه فقط عندما قال «إحنا مش بتوع فلوس»، مشدّداً على أنّ الكل يعمل في السعودية من أجل كسب الرزق. وكرر الممثل الأكثر انتشاراً في مصر انتقاداته لسلام، وأعلن أنّه من طلب عدم الجمع بينه وبين زميله في حلقات مسلسل «الكبير»، مكرّراً أنّه يأمل في الحصول على صفح الجمهور لكن بعد أن يفهم الناس دوافعه ويتقبلوها. غير أنّ ما حدث كان العكس تماماً، إذ تجدّدت حملة إدانة بيومي ودعم سلّام الذي التزم الصمت، لتهبّ رياح العاصفة الجديدة في وجه سباق شباك التذاكر في موسم عيد الفطر الحالي، حيث يشارك بيومي في فيلمَيْن من أصل أربعة أُعلن عن خوضها المنافسة. غير أنّ رد الفعل الأسرع جاء من محمد السبكي، منتج الفيلم الرئيسي «فاصل من اللحظات اللذيذة»، الذي يعرف تأثير حملة المقاطعة، وخصوصاً إثر تراجع إيرادات ثلاثة أفلام شارك فيها بيومي وعُرضت في كانون الثاني (يناير) الماضي وهي: «أنا وابن خالتي»، و«فاصل شحن»، و«التجربة المكسيكية». كان الحل الأمثل هو إعادة طرح البوستر بعد حذف صورة فؤاد، سواءً رقمياً أو في الشوارع، فيما يطلّ الممثل في التريلر عبر كلمتين فقط كأنّه مجرد ضيف شرف، بهدف إقناع الناس بأنّه ليس بين الأبطال الرئيسيين وتفادي امتناعهم عن قطع التذكرة عقاباً لنجم «موسم الرياض». أما أسرة الفيلم الثاني «أسود ملون» (كتابة أحمد عبد الفتاح عثمان ــ إخراج حسن البلاسي ـ بطولة رنا رئيس وبيومي فؤاد وأحمد فتحي وغيرهم) فلم تفعل ما فعله السبكي لأن الفيلم ببساطة من دون حملة دعائية، ويصنّف ضمن الأفلام محدودة الكلفة بالتالي لا يتطلّع صنّاعه من الأساس إلى جني الإيرادات.
اللحظات التعيسة التي يعيشها بيومي فؤاد، لم تقتصر على التغييرات التي شهدتها دعاية «فاصل من اللحظات اللذيذة»، وإنّما بدأت علامات الاستفهام تُرسم حول إمكانية الاستعانة به في أشرطة جديدة في المستقبل القريب، ومدى شجاعة صنّاع الإنتاجات السينمائية في المغامرة بوجوده. أما المفارقة الأكبر، فهي تلك المرتبطة بالسوق السعودية التي أعطت فؤاد مساحة واسعة من الانتشار، إذ بات النجم المصري الأكثر تحقيقاً للإيرادات على مدار عامين، إلى أن بدأت هذه المعادلة تتغيّر مطلع العام الحالي بسبب ضعف سويّة الأفلام. أمر يهدّد السوق البديلة للممثل البالغ 58 عاماً في ضربة ثانية موجعة له مع تحوّله كبش الفداء الوحيد لإصرار الرياض على عدم تأجيل موسمها «المقدس». تراجيديا جعلته يخسر الجميع ولم يكسب حتى نفسه.

* «فاصل من اللحظات اللذيذة»: بدءاً من الغد في الصالات اللبنانية