من الواضح أنّ الأفلام الأربعة التي أطلقها السينمائي الأميركي ويس أندرسون على منصة نتفليكس («القصة الرائعة لهنري شوغر»، و«سمّ»، و«صائد الفئران»، و«الإوزة»)، تهدف إلى أن تكون قطعة واحدة أو رباعية موحّدة، لكن نتفليكس تردّدت بشكل غريب في تقديمها كمجموعة. هذه الأفلام القصيرة مقتبسة ــ مثل فيلم أندرسون «السيد فوكس الرائع» (2009) ــ عن عمل للروائي وكاتب القصص القصيرة البريطاني روالد دال (1916 – 1990)، صاحب قصص مشهورة مثل «تشارلي ومصنع الشوكولا» و«ماتيلدا» وغيرهما الكثير. اقتبس أندرسون أفلامه الأربعة الجديدة من البريطاني المحبوب، واستَخدم مجموعة من الممثلين تناوبوا على الشخصيات في جميع الأفلام مثل بنديكت كومبرباتش، وبن كينغسلي، وديف باتل، وريتشارد أيواد، وروبرت فريند، ورالف فينيس. وآخرهم أيضاً يلعب دور دال الذي يروي القصص من كرسيّه عبر إعادة إنشاء دقيقة لكوخ الكتابة الحقيقي لدال. مخطط الأفلام الأربعة متشابه: العرض الدائم لخدعة السينوغرافيا في الاستديو، وظهور المؤلف (روالد دال) أمام الكاميرا، والكسر المستمرّ للجدار الرابع، والتفاعل المتكرّر بين التعليق الصوتي وحوارات الشخصيات، وبعض الشرح عن أصل وسياق كل قصة قبل تتر النهاية.يتمسّك فيلم «القصة الرائعة لهنري شوغر» (مرشح لجائزة «أوسكار» أفضل فيلم قصير) بالقصة التي تخيّلها روالد دال عن «المعلّم» الذي يكتسب القدرة على الرؤية من دون استخدام عينيه وكيف يُعاد تعلّم هذه القدرة ليستخدمها رجل ثري مقامر. يخلق أندرسون من هذه الرواية فيلماً، ويفتح نوافذ سردية والعديد من التنوعات الدرامية مع أحداث ضمن أحداث أخرى. في مركز الاهتمام، يوجد البطل هنري شوغر (بنديكت كومبرباتش) وهو رجل ثري يركز فقط على أعظم متعة في الحياة: كسب أموال أكثر مما يملك بالفعل. يعتقد أنّه الأفضل والأكبر، يحتقر كل ما حوله، ويزدري كل أنواع الأدب التي لا ترضي أذواقه الأكثر حميميةً، ويرى إدمانه على ألعاب القمار كامتداد لحياته العبثية. حتى اكتشف، بمصادفة القدر، كتاباً صغيراً في مكتبة خاصة. وهنا تكمن المغامرة التي ستغيّره إلى الأبد.
«هنري شوغر» مرشح لـ «أوسكار» أفضل فيلم قصير


يسترشد الفيلم بالبنية الأدبية. تتضمّن حواراته التدخل المستمرّ للراوي الخارجي (بصوت الممثلين أنفسهم) وتقترح عرضاً حرفياً للحكاية الأصلية. إنه ليس نموذجاً مريحاً للسرد السينمائي وبالنسبة إلى العديد من المشاهدين، ويمكن أن يصبح مملاً بسهولة. مع ذلك، ينجح المخرج في استخدام مفهومه البصري المثير لبعث الحياة في هذا الكلام الجامد، وكسر رتابة نصه عبر تحويل دقيق للإعداد بأكثر الطرق المسرحية الممكنة. متعة هذا الفيلم تكمن في العدد الكبير من إمكانات التفسير والتجريد للمواقف التي يقدمها لنا. هناك جانب روحي/ صوفي، جانب من بحث داخلي، وقضايا أخلاقية ترتبط بالعلاقات الاجتماعية، وجوانب عامة عن الأعمال الخيرية.
يحاكي الفيلم العرض المسرحي: نرى كيف يضعون المشهد، وكيف يتحرك عمّال المسرح ويساعدون الممثلين على تغيير الأزياء والمكياج. تُستخدم هذه الموارد ولا تشتت انتباه المشاهد عن القصة الرئيسية، وسيستمر تواجدها في بقية الأفلام القصيرة. تبدو «القصة الرائعة لهنري شوغر» كما لو أنّها تحكي لك قصة عندما كنت طفلاً. لا يمكنك إلا أن تنتبه إلى كل تفاصيل القصة، وتستمتع، وتطلق العنان لخيالك وينتهي بك الأمر بالرضى بعد حصولك على تجربة ممتعة، ووقت ممتع مع شخصيات جميلة.

* The Wonderful Story of Henry Sugar على نتفليكس