القاهرة | استقبلت الصالات المصرية في الأربعاء الأوّل من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي الشريط الذي يعدّ البطولة الأولى للممثل الشاب نور خالد النبوي مع مجموعة من الوجوه الجديدة في ظلّ غياب عناصر خبرة ممن اعتادوا مساندة الشباب. اعتمد العمل بشكل كامل على قصته (كتابة إياد صالح) وإدارة المخرج رؤوف السيد الجيدة للممثلين، رغم أنّهما يخوضان تجربتهما الأولى على الشاشة الكبيرة. خرج الناس من العرض الخاص مبدين إعجابهم قبل أن يشيد به النقاد. لكنّ أحداً، بمن في ذلك الأبطال، لم يتوقّع أن يناطح الشريط أفلام النجوم في السباق ذاته، وخصوصاً أنّ هذا الصعود جاء تدريجياً، إذ حقق في أسبوعه الأوّل دخلاً متوسّطاً قبل أن يتضاعف ثلاث مرّات في الأسبوع الثاني ويستمر في الصعود، متجاوزاً حاجز الـ 1.2 مليون دولار بعد مرور أربعة أسابيع، ويحلّ ثانياً بعد أحدث أفلام محمد إمام «أبو نسب» (إخراج رامي إمام ــ 1.4 مليون دولار)، ويتخطى فيلم آسر ياسين «شماريخ» (إخراج عمرو سلامة) الذي جاء في المرتبة الثالثة. مع العلم أنّ فيلمَيْ إمام وياسين طُرحا في شهر كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، أي إنّ «الحريفة» جاءهم من الخلف ومن حيث لم يتوقع أحد، محققاً إيرادات أكبر في زمن عرض أقل. لكن الأهم ليس فقط أنّه نافس شريطين تجاريين أحدهما كوميدي والآخر يمزج بين الأكشن والرومانسية، بل إنّ السباق نفسه عجّ بأسماء ذات باع طويل في الفن السابع أو ذات خبرة في الدعاية والانتشار وتوفر الميزانيات الملائمة لذلك، بينما يعتبر «الحريفة» من الأفلام المنخفضة الكلفة، على مستوى الإنتاج والتسويق. في الموسم نفسه، تحضر أعمال «عصابة عظيمة» (إخراج وائل إحسان) لإسعاد يونس، و«مقسوم» (إخراج كوثر يونس) لليلي علوي، و«الإسكندراني» (إخراج خالد يوسف). ومع ذلك، حققت جميعها إيرادات راوحت بين المتوسطة والضعيفة فيما ظل «الحريفة» محافظاً على المركز الأول في الإيرادات اليومية والأسبوعية.
الفيلم الذي شارك في بطولته أحمد غزّي ومغني المهرجانات كزبرة والستاند ــ أب كوميديان عبد الرحمن محمد وخالد الذهبي ولاعب الكرة الشهير أحمد حسام ميدو، نجح في جذب الجمهور من صغار السن ممن وجدوا أنفسهم ونجومهم في هذا الشريط بالمقارنة بمنافسيه. على المستوى الفني، يمكن وصفه بالمتماسك. فهو وإن تمحور حول قصة صعبة التحقق في الواقع، لكنّه قدّمها بشكل يتمتع بالصدقية الفنية، من دون التورّط في قضايا مثيرة للجدل مثل الصراع الطبقي. ينطلق «الحريفة» من قصة لاعب كرة قدم في المرحلة الثانوية ينتمي إلى عائلة ثرية لكن والده يواجه الإفلاس، فيضطر إلى الإقامة في شقة جدته والانضمام لمدرسة حكومية.
انتقد العمل الأسلوب الذي يظهر به أبناء الأحياء الشعبية في الدراما

هكذا، تنقلب حياته فجأة من دون منح الجمهور فرصة لرصد المتناقضات، كخروجه من المدرسة الأولى سريعاً وعدم إكمال العام الدراسي، وذهابه إلى مدرسة للفقراء، أي لم يذهب إلى المدارس المتوسطة حتى. لكن المهم أنّه دخل فصلاً دراسياً مليئاً بالتلاميذ الأشرار الذين لم ينقذه منهم سوى موهبته التي دفعتهم لتقبّله وتكوين فريق يلعب في الساحات الشعبية ضمن بزنس المراهنات. يبدأ البطل باكتشاف ذاته والعالم الحقيقي الذي لا يعرف عنه شيئاً، وتظهر شخصيات الزملاء على حقيقتها. ليسوا كلّهم أشراراً، وحتى من يخطئ منهم، له مبرّر. كل ذلك في إطار لا يخلو من الكوميديا والتشويق، كعادة دراما كرة القدم.
باختصار، لم يحاول الفيلم افتعال أي قضية، وانتقد بين السطور الأسلوب الذي يظهر به أبناء الأحياء الشعبية في الدراما التلفزيونية، محاولاً أن يكون حقيقياً، وخصوصاً على مستوى التصوير وأماكن اللعب التي تظهر للمرة الأولى على الشاشة المصرية. كما اعتمد على شعبية أبطاله، ولا سيّما «كزبرة» في أوساط جمهور تيك توك ويوتيوب. وبالتالي، نجحت «خلطة» الأبطال الشباب في جذب أبناء جيلهم من كل الطبقات، ما يفسر الإيرادات المرتفعة والمرشحة لمزيد من الازدياد حتى انتهاء الموسم في منتصف شهر آذار (مارس) المقبل.