لندن | اختارت «أيّام بيروت السينمائيّة» افتتاح دورتها الليلة بفيلم المخرج السوري طلال ديركي «عن الآباء والأبناء» (2017 ـــ 99 د ـــــ اليوم س: 20:00 ـــ «متروبوليس»). الفيلم المثير للجدل رشّح أخيراً عن فئة أفضل وثائقي ضمن «الأوسكار». شريط مصنّع بمقاسات استشراقيّة محض لإرضاء مموليه الغربيين، لكن مع ذلك يحمل نذير شؤم عن العتمة التي يحملها الجيل الثاني من الجهاديين المنكسرين في سوريا. يروي «عن الآباء والأبناء» (الأخبار 18/3/2019) تفاصيل حياة جهادي قاعدي ساذج من الطبقة الشعبيّة، رغم أن ديركي حاول الترويج للفيلم عبر وصفه بأنّه أحد أرفع قادة الجهاديين. يقيم الجهادي وأسرته النوويّة (ثمانية أبناء وزوجتان) في إحدى قرى إدلب. يحاول الفيلم الإيحاء بأن نموذج الجهادي المسلم، الذي يُراد للجمهور الغربي - المستهدف أساساً في الفيلم - أن يعتقد، هو شخص ملتحٍ موهوم غارق في رؤيته المؤدلجة عن العالم، يخلط كما متوحش بدائيّ عواطفه بحب أولاده مع سفك الدماء والعنف. والأخطر من ذلك كلّه أنه ينقل ثقافة قتل الآخر المريضة تلك لأبنائه الذين يعاد إنتاجهم منذ صغرهم ليكونوا وحوشاً كما آبائهم، ربّما مع جرعة حقد غائر على طفولة ضائعة وتشفّ للانتقام ممن كسروا جيل الآباء. يستقيل ديركي وهو يقدّم تلك الصورة النمطيّة الفاقعة، من أيّ محاولة ولو رمزيّة لتفسير منطلقات هؤلاء أو دوافعهم أو مدى تغلغل علاقاتهم بـ «أصدقاء» سوريا، تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً وتوظيفاً، أو حتى تاريخ تورطهم في العداء للدولة السورية. إيقاع الفيلم بطيء واستبعاد مشاهد العنف المباشر جعله معقّماً غير قادر على الإقناع. وإذا كان ثمّة من استنتاج يتيم منه، فهو تلك القنبلة الموقوتة التي زرعها جيل الآباء في عقول أبنائهم ويتعيّن على الدولة السوريّة الآن مهمّة استيعابهم وإعادة تأهيلهم، وهي مهمة تعجز عنها دول كبرى. بغير ذلك، فإن ديركي أضاع فرصة كبرى لتفسير كل التعقيد الاجتماعي والطبقي والأيديولوجي والتاريخي والسيكولوجي الذي أنتجته المغامرة الأميركية في سوريا، واختار بأن يفصّل القماش بحسب طلب الزّبون.

* «عن الآباء والأبناء»: اليوم س: 20:00 ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل»