من المتوقّع أن يتصدّر «ولاد رزق 3» (تأليف صلاح الجهيني، إخراج طارق العريان) سباق إيرادات عيد الأضحى في مصر. لكن ما كان مفاجئاً أن يجمع الفيلم المدعوم من «موسم الرياض» أرباحاً تساوي سبعة أضعاف ما حصل عليه فيلم «اللعب مع العيال» (كتابة وإخراج شريف عرفة) لمحمد عادل إمام، والذي احتلّ المركز الثاني محققاً وجوداً خافتاً في سباق العيد سواءً في مصر أو السعودية. تغافلت معظم التحليلات التي حاولت تفسير الإيرادات القياسية لـ «ولاد رزق 3» عن التراجع الواضح للأفلام المنافسة. فقد عزا الجميع الإقبال الجماهيري إلى الرواج الذي حظي به الشريط، وترقّب ما سيقدّمه المخرج طارق العريان في الجزء الثالث، إلى جانب الحملة الإعلانية الضخمة التي أقيمت في القاهرة والرياض، والجدل الذي أحدثه دعم رئيس «الهيئة العامة للترفيه» السعودية تركي آل الشيخ له.
فتح كلّ هذا مجالات أوسع أمام الفيلم لتحقيق الإيرادات التي وصلت في شباك التذاكر المصري وحده إلى 3 ملايين و600 ألف دولار أميركي! لكنّ التراجع الحادّ في إيرادات الأفلام الثلاثة المنافسة، «اللعب مع العيال» و«عصابة الماكس» (تأليف أمجد الشرقاوي ورامي علي، إخراج حسام سليان) و«أهل الكهف» (سيناريو وحوار أيمن بهجت قمر، إخراج عمرو عرفة)، لم يكن سببه سطوة أشقاء أحمد عز، وإنّما مستواها المتوسّط الذي منع الجمهور من دفع ثمن التذاكر لمشاهدتها.
صحيح أنّ وحده «اللعب مع العيال» مناسب لجميع الأعمار، غير أنّه حقّق قرابة الـ500 ألف دولار فقط، رغم أنّه يحمل اسم المخرج البارز شريف عرفة، صاحب الخماسية الشهيرة مع عادل إمام ووحيد حامد.
استخدم عرفة أسلوب سرد جذّاباً في البداية. فيظهر في اللقطة الأولى البطل «علام النخعاوي» وهو يقفز من النافذة وكأنه لصّ. ثمّ يبدأ بسرد حكايته تدريجياً مع ركّاب حافلة متّجهة من القاهرة نحو شرم الشيخ، لنكتشف بعدها أنه ضحية والدٍ بخيل، صاحب مركز للدروس الخصوصية، يجبر ابنه على التدريس بدلاً من التمثيل، بهدف كسب المال. ثمّ يرغمه على الزواج من ابنة عمّته حفاظاً على الإرث. أمّا العروس التي تجسّدها «ويزو»، فتصيب العريس الشاب بالرعب بسبب طلباتها الجنسية، ما يدفعه للهرب إلى مدرسة في قرية يكتشف لاحقاً أنها شبه مهجورة وتحت سيطرة قبيلة. فيبدأ بالتدريس لتتوالى المواقف بينه وبين الطلّاب من جهة، وبينه وبين تاجر مخدرات يسيطر على المنطقة من جهة أخرى. ثمّ يرتبط بابنة شيخ القبيلة التي تؤدي دورها أسماء جلال.



تشير الجملة الأولى في الفيلم إلى أنّ الأحداث تدور عام 2010. وهي الطريقة التي يتّبعها معظم صنّاع الأفلام للإفلات من رقابةٍ ترفض تقديم الواقع المصري على الشاشة، بما يدين إنجازات النظام الحالي! لكن في ذلك العام، لم تكن هناك مدارس بهذا الشكل، وما من مبرّر درامي يجعل مدرسة مهجورة تنتظر مدرّساً يقيم بها وسط الذئاب والثعابين. لهذه الأسباب وغيرها، لم يعد للضحك حجّته، وباتت الابتسامات شحيحة في شريط من المفترض أن يكون كوميدياً.
أفسد غياب المنطق أيضاً شخصية تاجر المخدرات التي يقدّمها باسم سمرة، إذ لم يستغلّ العمل النجومية التي حقّقها لدى مشاركته في مسلسل «العتاولة» (كتابة هشام هلال، إخراج أحمد خالد موسى). ورغم عدم ربط «اللعب مع العيال» بأيّ دولة معادية لمصر، غير أنّه عكس محاولة بعض «البلطجية» منع أهل المنطقة من تحية علم مصر، رمز الوحدة الوطنية. وبالتالي، ظهرت الكوميديا في مشاهد متفرّقة واعتمدت على اجتهاد كلّ ممثل على حدة. ومع أنّ دور بيومي فؤاد رئيسيّ في الشريط، إلا أنّه لم يتعرّض لأي حملات مقاطعة، الأمر الذي يوضح أنّ عزوف الجمهور عن المشاهدة مرتبط بضعف المستوى.
علماً أنّ شريف عرفة أكّد في أكثر من مناسبة حيرته بسبب عدم العثور على نصوص جيدة. لكنّ هذا التبرير لم يقنع منتقدي «اللعب مع العيال» الذين طالبوه بالاجتهاد من أجل الوصول إلى مؤلّفين يكتبون نصوصاً تليق بموهبته كمخرج، ولا سيما بعد الإخفاقات المتكرّرة في شباك التذاكر خلال الأعوام الأخيرة.
وبذلك، ينضمّ «اللعب مع العيال» إلى تجارب تدنو عن المستوى المتوسّط وتحمل توقيع عرفة، أبرزها «الجريمة» و«الكنز» بجزأيه الأوّل والثاني.