كان أمس يوماً حافلاً على الشاشات اللبنانية. فقد فتحت القنوات هواءها لتسليط الضوء على خبر إقتحام سالي حافظ فرع مصرف «بلوم بنك» في السوديكو في بيروت وإستيراد وديعتها بقوة السلاح. لم يكن الحدث عابراً، بل تداعياته بقيت مستمرة لساعات طويلة. لكن الوضع في قناة lbci كان مختلفاً قليلاً عن زميلاتها. فالشاشة التي يديرها بيار الضاهر طعّمت خبر إستيراد سالي لوديعتها التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار، بمواصلة الدعم للتصويت لفرقة «ميّاس». حاولت القناة المحلية أن «ترفّه» عن اللبنانيين المشغولين بأزماتهم الاقتصادية والسياسية، لتقول بأن الحدث هو في الولايات المتحدة الاميركية حيث يصوّر برنامج American's Got Talent. أفاق اللبنانيون اليوم على خبر سعيد. الخبر بات أكيداً. فازت «ميّاس» بلقب American's Got Talent الذي عرض على شبكة NBC وجلس في لجنة تحكيمه كل: من الكولومبية صوفيا فيرغارا والمنتج الإنكليزي سايمون كاول والكندي هاوي ماندل وعارضة الأزياء الألمانية هايدي كلوم.
هذه المرة لم تكن نتيجة التصويت في الحلقة النهائية من البرنامج الشهير على «السكت» كما يُقال، بل سبقتها حملة إعلانية لافتة تولّتها lbci قبل أسابيع. ليست المرة الاولى التي تقود شاشة الضاهر مثل هذه الحملات الفنية والترفيهية التي ترفع منسوب الطاقة الايجابية. بل كانت «صيفيّتها» الحالية دسمة بحملات متنوّعة راوحت بين الجمال والرياضة والفنّ. فقد بدأتها بدعم الحملة السياحية التي أطلقتها «وزارة السياحة» بعنوان «أهلا بها الطلة» التي شجعت المغتربين للقدوم إلى بلدهم. لاحقاً تلتها حملة رياضية تولتها بعد تأهّل لبنان إلى «مونديال كرة السلة» 2023، وأخيراً حملة إنتخاب «ملكة جمال لبنان» 2022 التي إنتهت بفوز ياسمينا زيتون بالتاج.
لكن من تابع lbci في الاسبوعين الأخيرين، يلاحظ أن الحملة الاعلانية لـ «ميّاس» كانت مميزة بكل تفاصيلها، ولكنها لم تسلم من الانتقادات السلبية التي قارنت بين الوضع الصعب في لبنان وإهتمامات القناة اللبنانية بحدث فني عابر. حتى بات السؤال: هل بالغت القناة اللبنانية بدعم «ميّاس»، نعم أم لا؟.
في هذا السياق، تلفت معلومات لنا إلى أن lbci قررت أخيراً تسليط الضوء على بعض الاحداث الايجابية بعيداً عن الكلام بالسياسة. وتوضح بأنه فور اعلان «مياس» تأهلها لحلقات النصف نهائي من برنامج American's Got Talent، قررت شاشة الضاهر المضي قدماً لدعمها. لكنها لم تتوقف عند إنطلاق حملة اعلانية فحسب، بل أوفدت رنيم بو خزام ومصوّر معها إلى الولايات المتحدة الاميركية حيث قامت المراسلة بتغطية الحلقتين النصف الاخيرتين والحلقتين الاخيرتين. عادت المراسلة بتقارير يومية عن أنشطة الفرقة، فتحوّل الحدث الى مادة إعلامية للقناة وصلت إلى حدّ المبالغة. كما تعاقدت المحطة اللبنانية مع شبكة NBC لنقل الحلقات مباشرة على الشاشة اللبنانية.
من جانبها، تلفت بعض المعلومات إلى أن lbci تعاطت مع خبر تأهّل «ميّاس» بأنه حدث لبناني عالمي فني، في محاولة للابتعاد عن السياسة. لذلك، رفعت عبارة «كرمالك يا لبنان» شعاراً لها، بينما تعاطت باقي الشاشات اللبنانية مع الخبر بشكل عادي وركزت على الكلام السياسي الداخلي، وخصّصت مساحة لأخبار الفرقة في نشراتها الاخبارية عبر تقارير عادية. وذهبت أبعد من ذلك، طالبةً في نشراتها الاخبارية من أصحاب المولدات والاشتراكات عدم قطع الكهرباء قبيل إعلان نتيجة الحلقة النهائية. لكن بالطبع، لم يلق هذا الطلب صدى لدى مافيات المولدات.
على الضفة نفسها، توضح المصادر لنا، أن تعاطي الشاشة اللبنانية مع تأهّل «مياس» في ختام American's Got Talent لم يسلم من الانتقادات السلبية. فقد راحت التساؤلات تُطرح حول الاسباب التي دفعت القناة لدعم الفرقة الراقصة بشكل يصفه بعضهم بأنه «مبالغ فيه» في ظل ظروف استثنائية يمر بها لبنان من جميع النواحي، بخاصة أن «ميّاس» سبق أن شاركت في نسختين من البرنامج الشهير Got talent من بينهما النسخة البريطانية حيث حضرت بشكل مميز، والنسخة العربية من البرنامج التي توجّت بلقبها. ورأت بعض التعليقات أنه رغم نجاح lbci بالحملة اللافتة التي قامت بها، إلا أنها المحطة ربما تلقّت الدعم المالي من أجل إطلاق حملة ضخمة لمواكبة أنشطة «ميّاس» التي حظيت باحتضان شعب مأزوم ينوء تحت ثقل الأزمات المعيشية.