يُجمع النقّاد والجمهور على أدائه المتقن، كيف لا وهو مَن عجنته خشبة المسرح تمثيلاً وكتابةً وإخراجاً! لم يكن عالم الدراما والتلفزيون في دفتر طموحاته، لكن بعد مشاركته في مسلسل «الهيبة»، كرّت سبحة مشاركاته، فهل بات التلفزيون بديلاً من الشغف في المسرح والسينما؟ نسأله أولاً عن بداياته، فيقول: «عندما كنت في معهد الفنون الجميلة مع مجموعة من أبناء اليسار، كنا نعتبر أنّ الفن أداة نضاليّة، والعمل الأساس والأهم كان المسرح والسينما كونهما أكثر مضمارين عملت فيهما بشكل جدّي وبشغف وبانغماس كلّي. حاولت قدر الإمكان خلال مسيرتي المهنيّة أن أقدّم مادة فيها رسالة أو أن يقدّم العمل خدمة مجتمعيّة وليس فقط هدفاً للتسلية. خلال هذه الفترة الطويلة، أعتبر أنني حقّقت جزءاً كبيراً من طموحاتي».لا يندم أبي سمرا على دخوله المتأخّر إلى عالم الدراما «كوني اخترت الدخول في وقت يناسبني ويناسب قناعاتي وتطلّعاتي إلى الدراما، ولا سيما أنّها مرّت بسنين عجاف من ناحية الكتابة أو الإخراج والإنتاج، ومرّت بفترة خمول بعدما كانت نشطة ومنتشرة في العالم العربي. لذلك لم تكن الدراما تلبّي طموحاتي. اليوم، تغيّر الموضوع مع تغيّر مستوى الدراما اللبنانية، أعتقد أنّ مستواها ارتفع».
يرى أبي سمرا أن هناك مفاهيم خاطئة سائدة في ما يتعلّق بموضوع البطولة والنجومية، «في المسلسلات العالمية، نرى نجوماً، وهذا يندرج ضمن تسويق العمل الدرامي، ولكن في أحيان كثيرة نرى الأدوار الثانية أكثر أهمية من أدوار النجم نفسه. وحصل هذا في العديد من المسلسلات والأعمال، إذ برز ممثلون في أدوار تُعتبر ثانوية. أحبّذ مفهوم العمل المتكامل أي العمل الذي يعتبر جميع أبطاله نجوماً، وبالفعل الناس يتابعون العمل حين تسير كلّ خطوطه بشكل واضح وتجعل العمل أقوى وأنضج».
وعن الدور الذي شكّل تحدّياً بالنسبة إليه، يجيب: «بصراحة حتى اليوم لم يمرّ دور شكّل لي تحدّياً كبيراً في الدراما التي شاركت فيها، لكن يمكنني القول إنّ الدور الذي لعبته في مسلسل «دقيقة صمت» للمخرج الراحل شوقي الماجري، كان من الأدوار التي شكّلت لي تحدّياً خفيفاً وليس كبيراً لممثّل يريد أن يلعب أدواراً منوّعة أو معقّدة أو مركّبة. الدور كان لشخص انطوائي خائف لديه قلق دائم. وعلى الرغم من أنّ حضور الشخصية كان في 17 حلقة من بين 30 حلقة، إلا أنّني أعتقد أنّه من الأدوار التي شكّلت تحدّياً لي، ولا أزال أطمح للعب دور يشكّل تحدياً كبيراً أي أن تكون تركيبة الشخصية معقّدة».
وعن جديده، يقول: «أعمل حالياً في الجزء الثاني من مسلسل «للموت» (إيغل فيلمز) المقرّر عرضه في شهر رمضان. وأشارك في مسلسل «من... إلى» (شركة الصبّاح) للكاتب بلال شحادات من بطولة قصي الخولي وفاليري أبو شقرا وعلي منيمنة وإيهاب شعبان ومجموعة من الممثلين، وسيُعرض أيضاً في رمضان. على صعيد السينما، صوّرت فيلمين خلال سنتين، عُرضا في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» في جدّة، وهما «شرف» (كتابة صنع الله ابراهيم) للمخرج سمير نصر، و«بيروت هولدم» للمخرج ميشال كمّون الذي سيُعرض قريباً في بيروت».
يجد أبي سمرا أنّ المسرح تضرّر أكثر من غيره من القطاعات بسبب كورونا، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية، «حالة المسرح يُرثى لها، وأتمنى أن يستعيد عافيته. لديّ شغف للوقوف على الخشبة، مضت ثلاث سنوات منذ أن شاركت في عمل مسرحي، وهذا ما يسبّب لي عطشاً عاطفياً وفنياً».
وعن ابتعاده من عالم الإخراج، يشرح: «ربما بسبب الظروف التي مررنا بها خلال السنتين الأخيرتين مع كلّ ما يحدث في هذا البلد العجيب الغريب، كان المخرج فادي أبي سمرا في الثلاجة قليلاً ولكن لا أظنّ أنه سيبقى. بدأت بالتفكير في العودة بعمل مسرحي كتابة وإخراجاً قريباً، وأنتظر الأعاجيب في هذا البلد، وأن تعود القصص إلى مجراها الطبيعي. لا يمكنني أن أكون متفائلاً أو متشائماً. وفترة الانتظار صعبة على كلّ الصعد، الفن والبلد والحركة المسرحية والثقافية. أعتقد أنّ أمامنا انتظاراً صعباً لكن يجب أن نتحمّل».
وعمّا يستفزّه سياسياً وفنياً في الفترة الأخيرة، يجيب: «الاستفزاز يمكن أن يكون إيجابياً أو سلبياً. كلّ شيء يستفزّني في البلد، الدراما إلى حدّ ما بخير، وهناك حركة درامية وإنتاجات وهذا يشغّل قطاعاً كبيراً في البلد. ومن نواحٍ أخرى حدّث ولا حرج: سياسياً الوضع سوريالي ولا أستطيع أن أفهم كيف وصلنا إلى هنا. وفي الوقت نفسه لا يزال كل أركان الطبقة السياسية يعيشون حالة إنكار عام، وهذا غريب».