بينما كان في زيارة شقيقه، أغمي عليه ولم يستفق حتى اليوم. يقبع «شيخ الكوميديا السورية» هشام شربتجي في قسم العناية المشددة من «مشفى الشامي» منذ أكثر من عشرة أيّام. الرجل الذي أنجز أيقونات الكوميديا السورية من سلسلة «مرايا» (ياسر العظمة وعدد من الكتّاب) إلى «عيلة خمس نجوم» (كتابة حكم البابا) إلى «يوميات مدير عام1» (كتابة زياد الريّس) أسهم أيضاً ببلاغة في صنع دراما معاصرة جذابة مثل «أسرار المدينة» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير). وكان أوّل من نبش في القاع بمسلسلات مثل «أيامنا الحلوة» (كتابة يوسف ونصير) يزوره اليوم كثيرون. تداوم ابنته المخرجة المرموقة رشا شربتجي على الإقامة عنده، ويحلّ زوجها بديلاً عنها أثناء ساعات التصوير الطويلة، كونها تنجز حالياً «حارة القبة3» (كتابة أسامة كوكش). الفيسبوك السوري اشتعل لمدّة 48 ساعة متواصلة. لم يبق أحد إلا وكتب تعليقاً، ونشر صورة، وتمنى له الشفاء. والأمر لطيف في جانب ما، ولو بدا مستفزّاً ،لأنه انتباه طارئ بظرف عاجل، لقامة فنيّة مركونة منذ زمن، بعيداً عن الأضواء والاهتمام الاعلامي والفني والإنساني! حتى إنّ الخصوم ومن أسهموا في حملة تشويه سمعة للرجل، تعاطفوا معه وهذا يدعو للتفاؤل فعلاً، ولا يستحق الانتقاد!
لكن تعالوا نفكّر بعقل: ربما كان أكثر تعليق يستحق التوقّف ملياً عنده ما كتبه ابنه مدير الإضاءة والتصوير يزن شربتجي، الذي يواظب على عمله حالياً في دبي مع المخرج المثنى صبح في العمل الخليجي «العاصوف». نشر يزن صورة له مع أبيه، مذيّلة بجملة ملفتة تقول: « توقّف عن المزاح وقم، لترى أنّ كلّ من كنت تسخر منهم أبدوا لك مشاعر الحب!». طيّب، الرجل مزاجي بطريقة ليست غريبة عن الفنان. صنع قسطاً وافراً من مجد الدراما السورية، الكوميديا منها على وجه الخصوص. هذه شمس لا يمكن توريتها بغربال. هو الوحيد الذي «يشوط» المشهد على ثلاث دفعات، بروفة صوت فقط، مستفيداً بذلك من خبرته الطويلة في الإذاعة، ثم بروفة صوت وحركة وصورة، يليها المشهد. هذه تفصيلة تقنية ملفتة لا يعرفها سوى من عمل تحت إدارته. هو فقط من جيله الذي ينفق أمواله كلّها تقريباً على التكنولوجيا، ويفهم بأحدث صيحات الصورة، وأنواع الكاميرات، أيضاً هذا تفصيل لا يدرك أهميته سوى المختصين. يقبع اليوم في غيبوبة من دون أي تحسن. هذه حقيقة حزينة يجب الاعتراف بها! لكن إذا هيّئت له فرصة نجاة على قدر ما يستحقه من حياة، وحب، وبحكم ما تستأهل موهبته واجتهاده وتاريخه، يفترض أن يحاط بهذا الحب الذي هبط من غامض علمه على السوشال ميديا. أن يشعر بأثره وتاريخه. أن يستضيفه الإعلامي المحلي بشكل دوري. أن يقّدم هو برنامجاً ويأخذ أجراً كبيراً عليه. أن يكون مستشاراً لشركة إنتاج براتب عال! في السنوات العشر الأخيرة، أنجز الرجل عملين: «مذكرات عشيقة سابقة» (كتابة نور الشيشكلي) خسر فيه منتجاه أيهم ناصيف وخليل نقولا، وأغلقا الشركة بسبب ما تعرضا له من سرقة وما دفعاه من أجور، وما تم مواراته عنهما من حقائق الصناعة الفنية. والعمل الثاني من إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» حقق نتائج طيبة لدى الشارع السوري المتعطّش للكوميديا ولو كان «سيت كوم» بسيطاً على شاكلة «أزمة عائلية» (كتابة شادي كيوان) بينما قالت لنا ابنته رشا شربتجي مطلع رمضان الماضي، بأن أباها توقّف عن الشغل بمزاجه وليس لقلّة العروض!