حقق المخرج المغربي نبيل عيوش حلماً من طفولته باختيار فيلمه «علّي صوتك» للمرّة الأولى ضمن المسابقة الرسمية لـ «مهرجان كان السينمائي الدولي»، وهو عمل يغوص في عوالم شباب مهووس بالهيب هوب. يشبّه المخرج الذي يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، مازحاً شعوره للمشاركة في الحدث العالمي بفرحة «الحصول أخيراً على حلوى اشتهيتها طويلاً»، كما يقول متحدثاً لوكالة «فرانس برس» في مكتبه الأنيق في الدار البيضاء.
في سن 52 عاماً، أصبح عيوش ثاني مخرج مغربي يتم اختيار أحد أعماله للمهرجان السينمائي العريق الذي يختتم دورته الرابعة والسبعين السبت في جنوب فرنسا. وكان المهرجان قد استضاف فيلم مواطنه عبد العزيز رمضاني «إيقاعات وأرواح» العام 1962.
يتناول «علّي صوتك» قصة مجموعة من المراهقين المهووسين بثقافة الـ «هيب هوب»، «لديهم أشياء كثيرة يودون قولها من دون أن يمتلكوا أدوات التعبير»، كما يوضح عيوش معرباً في نفس الوقت عن «سعادة» ممزوجة بنوع من «الحياء» لوجوده في كان بجانب قامات سينمائية كبيرة.
تدور أحداث الفيلم في حي سيدي مومن الهامشي في الدار البيضاء، الذي اشتُهر العام 2003 عندما خرج منه معظم الانتحاريين الذين نفذوا هجمات دامية في العاصمة الاقتصادية وقتها خلفت 33 قتيلاً.
سبق للمخرج أن صوّر في هذا الحي مشاهد من فيلمه «علي زاوا» سنة 1999 عن قصة أطفال مشردين. كما عاد ليصور فيه مشاهد من فيلم «يا خيل الله» (2012) المستوحى من رواية للكاتب ماحي بينبين حول تطرف الانتحاريين الاثني عشر الذين نفذوا هجمات 2003.
وفي العام 2014 أسس نبيل عيوش في هذا الحي المركز الثقافي «النجوم» الذي يقدم ورشات لتعلم الموسيقى والرقص للشباب، في حي عانى طويلاً من غياب أي مرافق ثقافية. وقد استقطب من بين رواده جل ممثلي فيلم «علّي صوتك».
حظي اختيار «علّي صوتك» للمسابقة الرسمية في «كان» بإشادة واسعة في المغرب، خلافاً لردود الأفعال النارية التي أثارها عرض فيلمه ما قبل الأخير «الزين اللي فيك» في فقرة «أسبوعي المخرجين» خلال دورة 2015 من الحدث نفسه.
يبدو فيلم «علّي صوتك» أكثر حميمية بالنسبة للمخرج يشبه رجع صدى لطفولته التي قضاها في منطقة سارسيل ضواحي باريس. مرحلة احتفظ منها بذكرى «دار الشباب التي كانت بمثابة معبد بالنسبة لي، فيه تعلمت رؤية العالم». تجربة أراد عيوش تكرارها بتأسيس مركز «النجوم» الثقافي" في حي سيدي مومن في الدار البيضاء.
ففي هذا المركز تحديداً، اختمرت فكرة الشريط في ذهنه بينما كان يتابع عروضاً فنية لشباب من رواده. ويقول: «أمر مدهش رؤية أولئك الشباب وهم يرقصون أو يتلون نصوصاً فنية... أردت أن يسمع العالم بأسره ما يودون قوله».
وفي سبيل «إظهار هذه الشبيبة الرائعة»، غير عيوش طريقة عمله مواصلاً لمدة عامين التصوير والمونتاج مع «إعادة كتابة السيناريو باستمرار»، إذ يظل الفيلم عملاً متخيلاً رغم أنه متجذر في الواقع.
أثمرت هذه المغامرة أيضاً فكرة أخرى بإطلاق شركة إنتاج متخصصة في موسيقي الهيب هوب «نيو ديستريكت» أواخر العام الماضي. ويلعب مديرها الفني أنس بسبوس، وهو مغني راب سابق، هو الآخر دوراً في فيلم «علّي صوتك».