وصلت النجمة السورية المخضرمة سمر سامي إلى مكان لم تعد تتمكّن من النوم! حدث ذلك مطلع الأزمة في سوريا. كان القلق يسوّر يومياتها. بيتها في «جرمانا» (ريف دمشق) لا يبعد مئات الأمتار عن فوّهة النيران المندلعة في الغوطة الشرقية! عدا أنها شخص مسكون بهواجس كبرى، على كافة المستويات. طقوسها اليومية كانت محصورة بين أربعة جدران، لا تفارقها إلا من أجل مشوار سريع تقطعه على قدميها وتعود. سينوغرافيا المشهد الحياتي بالنسبة لها آنذاك مكوّن من امرأة تراقب بحذر شاشة التلفزيون على مدار 24 ساعة... سيجارة حمراء طويلة بيد، والكتاب بيد أخرى، وكأس المتة على الطاولة، وعيناها شاخصتان باتجّاه أي حدث سوري. ظلّت على هذه الحالة حتى توقف التلفزيون عن العمل في إحدى الليالي الصاخبة بالعنف. عندها فقط تمكّنت من النوم العميق. منذ ذلك الحين، لا تملك نجمة «أحلام كبيرة» (أمل حنّا وحاتم علي) سحر الصندوق الذي يعرض أعمالها. إن أتيح لها مشاهدة شيء على المواقع الإلكترونية، سيكون من حسن حظّها وإن لم تتمكن، تعتبر أنه لم يفتها شيء! عندما عرض عليها المخرج السوري عامر فهد نص «عندما تشيخ الذئاب» (عن رواية جمال ناجي سيناريو حازم سليمان- «أبوظبي») أعجبت بالأدوار جميعها وقالت ممازحة: «سألعب شخصية الشيخ عبد الجليل (سلوم حداد) أو دعني أركّب شاربين وأجسّد أبو فاروق (يمن رضا) إضافة إلى دور الجليلة»وبسبب ايمان المخرج المطلق بموهبة وحضور وثقافة ممثلته، تركها على راحتها، حتى أنها أعادت كتابة مشاهدها على مزاجها، ولعبت بالمنطق الذي تراه أفضل الحلول المبتكرة لإعادة تدوير الشخصية وإكسائها بروح نابضة بالحياة. فالجليلة في الرواية مسكونة بجنّي يجعلها تقع في نوبات هلع دائمة يجعل الجو في البيت في أقصى حالات التوتر والخوف، لكنّ نجمة فيلم «كومبارس» (نبيل المالح) أرادت أن تتوّه المشاهد للحظة يعتقد بأنها قد تكون مسكونة بجنّي فعلاً، ولغالبية الأوقات سيدرك بأنها تعاني من شدّ عصبي، وقلق زائد، تطاردها الكوابيس عندما تنام. تلّون سامي في طبقة صوتها تماشياً مع مرونة التغيير في تكنيك الأداء كأنها مجموعة شخصيات في شخصية واحدة، إذ تتحوّل بين مشهد وآخر. مرّة تظهر غنج الأم وحنانها وهي تبني ابنها على طريقتها، فيما ينقلب الحب إلى قرف مفرط عندما تخاطب زوجه، لتعود مجدداً حالة العطف الممزوج بالثقة المطلقة لمجرد أن تصبح وحيدة مع شقيقها «جبران»! على ضفة مقابلة، تستعير هيبة وحظوة السيدة الرصينة التي تزلزل الأرض تحت قدمي «عمران» المتطّرف المسكون بهواجس دينية متعصبة. تضرب بعكّازها فتشعل الأرض ناراً. هذه الهيبة شيء يختلف عن الكاريزما والموهبة الغنية. حالة تفرّد بها عدد قليل من نجوم الشاشة السورية على رأسهم الراحلان رفيق السبيعي وخالد تاجا! اليوم سمر سامي شبه وحيدة تمثّل هامش كبيراً مما تبقى من هيبة الدراما السورية.
«عندما تشيخ الذئاب»: 20:00 بتوقيت بيروت على «أبوظبي»