ببناء تراكمي، يسير النجم السوري فادي صبيح (1974) إلى مكان خاص به. بين «أبو الخيل» في «فوضى» (حسن سامي يوسف ونجيب نصير وسمير حسين) العام الماضي و «أبو العزم» هذا العام في «دقيقة صمت» (سامر رضوان وشوقي الماجري) تقاطعات بسيطة من ناحية المهنة، والحالة المعيشية، والجو العام ربما. لكّن «خرّيج المعهد العالي للفنون المسرحية» عرف كيف يحيل تلك التشابهات العابرة، أو الإلتقاءات التصادفية، إلى مساحات شاسعة في الاختلاف، بين ميكانيكي سيارات هو كناية عن روبن هود في الأوّل، وميكانيكي سيارات مجبول بماء الطيبة والامتنان بالفضل لرفيق قديم خلّصه من الموت في الثاني، فقرر أن يذهب معه إلى الأقصى في ضرب الشهامة كرّد للجميل. ولن يكون الأمر سهلاً لإجادة لعبة التباينات بين شخصيتين من نفس النمط يقدّمان على مدار عامين متتاليين! ومع ذلك، لفت صبيح غالبية من يراه، لجهة امتلاكه مفاتيح أدائية، واجتهادات شخصية تأتي كنتيجة منطقية لأداء متنوع، خَبِرَ كيف يطعّمه بمفردات خاصة، يستقيها غالباً من محيطه والنماذج الواقعية التي يعايشها في مجتمعه. تتحوّل تلك المفردات إلى لازمة يردّدها الشارع السوري على وجه الخصوص. منذ «أبو مقداد» (الولادة من الخاصرة) والرجل تلاحقه مفردة «لا تخشى شيئاً» لحقتها العام الماضي كلمة أبو الخيل المفضّلة «عمّنا» التي طرحت للتداول الشعبي على نطاق واسع. تلك الخطابات الواصلة لقلب المتابع ببساطة مدهشة جعلت الرجل يستمتع في حياته، عندما يطارده أطفال في الشارع مرددين بصوت جماعي واحدة من لوازمه!هذا العام، حالما أطلّ في دور «أبو العزم» حتى أعطى المسلسل نكهة كوميدية تعطي انطباعاً مختلفاً لتلقّي السرد البوليسي، المشغول على سنّارة حبس الأنفاس. ولن يخيّب «أبو العزم» جمهوره وهو يردد عليه «له يا إنسان» وقد اضاف إليها ضحكة تشبه منطقه الحياتي. يشكّل مع هيا مرعشلي ثنائياً ملفتاً، بخاصة في مشهد الرقص الذي ارتأت «أبو ظبي» حذفه بدواعي الرقابة الدينية! مجرّد أن يتابع المشاهد أداء صبيح، ينسى تماماً ما تعرّض له من ظلم في البوستر الترويجي للمسلسل، والتيزر الأوّل، ومن ثم ترتيب الأسماء في الشارة، ويتفرّغ لجرعات المتعة الزائدة التي صارت من اختصاص أدائه!

* «دقيقة صمت»: 20:00 بتوقيت بيروت على «أبوظبي دراما»، و22:30 على «الجديد»