كان بول فيريليو (1932_2018/ الصورة) في طور التخطيط لمعرض جديد في «مؤسسة كارتييه للفن المعاصر» مع إحدى أفضل تلامذته، المهندسة المعمارية هالة وردة، قبل أن ينطفئ فجأة يوم الإثنين الفائت. المخطط والفيلسوف الفرنسيّ الشهير الذي ترك بصمته على عوالم التكنولوجيا والفن المعاصر والنطاقات العسكرية والمدينية والسوسيولوجية، قدم العديد من النظريات الفلسفية والنقدية المهمة، موائماً من خلالها مفهوميْ الحرب والسرعة، ومنها «نظرية الحرب» التي انبثق عنها علم الدرومولوجيا (أي علم السرعة)، وتقوم على اتساق العمليات العسكرية والتطورات التكنولوجية بسيرورة التاريخ وتحولاته. في أطروحات أخرى كـ «الحادث التكاملي»، يناقض المفكر رؤية أرسطو المبنية على انعدام وجود أي علم تابع للحوادث الإنسانية والتقنية، معتبراً أن استمرارية التكنولوجيا مرتبط بالحوادث المُحتملة بشكل مباشر. لم يهوَ فيريليو مقارعة الحرب التي عايشها في خلال نشأته في باريس بالأساليب التقليدية، بل دأب على تبوء ما أتيح له من جبهات معرفية من أجل تفكيكها، وتبيان الأواصر التي تجمعها كمكون سياسيّ، بـ«تحلل الأماكن» والأنماط البشرية، كما السرعة. في عام 1969، أسس المخطط الرائد في علم التطور الثقافي صرحاً عملياً متخصصاً في فنون العمارة، مواظباً في الوقت نفسه على نشر إسهامات بحثية دورية في مطبوعات معدودة كـ«طرق» و«العمارة اليوم»، بالإضافة إلى إصدارات أخرى كـ«أركيولوجيا علم القبور» (1967).
أما الفيلسوف مارك لايسي الذي دأب على دراسة إرث المفكر الراحل، فقد نعاه في نص موجز عبر مدونة «فيرسو» الإلكترونية، ذاكراً أن «فيريليو كان يعشق باريس، ويبني مستقبله عابراً بين أقطار السينما والأدب والعلم والسياسة»، ليضيف لاحقاً: «وعلى الرغم من أنه أحب باريس، إلا أن عمله كان مرتكزاً إلى التنقيب عن أوجه المدن السوداوية». يذكر أنّ بعض أعمال الراحل انتقلت إلى لغة الضاد عن داري «المدى» و«الشبكة العربية للابحاث والنشر»